التوافق بين الأمر المولوي بالوفاء وإرادة مطلق العقود.
قلت: - مع الغض عن تصور القيام بما التزم به لو وقع الالتزام على النتيجة ولو بنحو التسبيب - إن ما ذكر من ترجيح ظهور الوفاء والتصرف في المراد بمتعلقه وهو العقود فاسد، لوجهين:
الوجه الأول: أنه لم يثبت أن الالتزام العقدي في مثل المزارعة والمساقاة واقع على العمل، بيان ذلك: أن المزارعة معاملة ترجع إلى تكفل أحد المتعاملين زرع أرض غيره بحصة من الحاصل. والمساقاة معاملة ترجع إلى تكفل أحدهما شؤون الآصال الراجعة لغيره من سقي وغيره بحصة من حاصلها. وحقيقة المزارعة وهكذا المساقاة يمكن أن تكون بأحد أنحاء ثلاثة:
الأول: أن تكون من سنخ الجعالة على العمل الخاص، نظير من رد ضالتي فله كذا.
الثاني: أن تكون عقدا والتزاما بتمليك صاحب العمل عمله في مقابل تملكه الحصة المعينة من الحاصل.
الثالث: أن تكون من سنخ الجعالة بضميمة التزام الزارع زرع الأرض، فيكون الالتزام بالعمل من قبيل الشرط الضمني في المعاملة.
أما النحو الأول: فليس فيه أي التزام بعمل كما لا يخفى.
وأما النحو الثاني: فالالتزام تعلق بالنتيجة وهي ملك العمل، فيكون أداء العمل نظير تسليم المثمن في البيع لا قياما بما التزم به، فيكون حالهما حال البيع والنكاح.
وأما النحو الثالث: فالالتزام وإن تعلق بالعمل لكنه ليس التزاما عقديا بل هو شرط في ضمن العقد. فلا معنى لحمل العقود عليه.
الوجه الثاني: أنه لو سلم كون الالتزام والعقد واقع على العمل لا على النتيجة في المزارعة والمساقاة، فالظاهر اختصاص ذلك بهما.
ومن الواضح أن حمل لفظ العقود عليهما مع بعدهما عن الأذهان وتعارف مثل