ولكنه (قدس سره) ذهب إلى أن شيئا من ذلك لا ينهض لتخصيص قاعدة الغرر، لأن الاجماع المنقول إنما يجبر - لو قيل بجابريته - قصور سند الخبر المرسل المتضح دلالته أو القاصر الدلالة بأن تردد أمره بين معنيين فيترجح أحدهما بالاجماع عليه بدعوى قرب اطلاعهم على قرينة معينة لأحد المعنيين. ولا يتكفل جبر المرسل المجهول العين الذي نحتمل عدم دلالته بالمرة لو اطلعنا عليه.
والظاهر أن ما نحن فيه من هذا القبيل، إذ ليس هناك نص خاص بأيدينا وارد فيما نحن فيه بالخصوص. ويحتمل قويا أن يكون المراد من الأخبار هي أخبار خيار الحيوان، فقد عول الشيخ (قدس سره) في دعواه وجود أخبار الفرقة على ما نحن فيه على اجتهاده في مدلول أخبار خيار الحيوان، بقرينة أنه لم يذكر تلك الأخبار المشار إليها في الخلاف في كتابيه الموضوعين لإيداع الأخبار.
وأما ايراد الإيرواني (رحمه الله) (1) على الشيخ: بأن عمل المشهور يجبر الخبر المجهول العين لأن ناقله ينقله بالمعنى فيكون مرسلا منقولا بالمعنى فأي فرق بينه وبين غيره.
ففيه: أن النقل بالمعنى إنما لا يكون مخلا إذا كان مستندا إلى الحس أو ما يقرب إليه وليس الأمر فيما نحن فيه كذلك، لقوة احتمال أن يراد من الأخبار أخبار خيار الحيوان المعتمد في دلالتها على الاجتهادات غير الثابتة الحجية في باب النقل، ولم يثبت أنه نقل عن خبر وارد في خصوص ما نحن فيه بل القرينة على خلافه، كما عرفت.
إذن، فالحديث لا بد أن يكون في نفس الاجماع لا المنجبر بالاجماع، لقوة احتمال اعتماد المجمعين على اجتهادهم واستنباطهم من الأخبار.
أما الأخبار المدعى دلالتها على المدعى، فهي ما ورد من أن الشرط في الحيوان ثلاثة أيام اشترط أو لم يشترط، فإنه يدعى ظهورها في أن الخيار في غير الحيوان ثلاثة أيام إذا اشترط.
وفيه ما لا يخفى، لأن ظاهر هذه الأخبار ثبوت خيار الثلاثة في غير الحيوان