وأن الغرر الناشئ من ذلك لا يكون مبطلا، لاختصاص دليل النهي عن الغرر بما إذا كان أحد العوضين غرريا مجهولا كما أو وصفا دون مطلق الغرر في المعاملة.
واستشهد على ذلك بأنه لو كان النهي يشمل الغرر الحاصل من قبل جهالة مدة الخيار لبطلت جميع البيوع لجهالة مدة خيار المجلس، بل لا تضر جهالة أصل ثبوت الخيار، ولذا لا يلتزم ببطلان المعاملة إذا جهل المتبايعان ثبوت الخيار في الشريعة، بل الجهل بثبوت الخيار للشبهة الموضوعية موجود في موارد خيار الغبن وموارد العيب والتأخير والرؤية، فيعلم من ذلك اختصاص النهي بالغرر الحاصل من جهل العوضين. فلاحظ.
وفيه: أن ما ذكره شاهدا للتخصيص لا صلاحية له. إذ المراد بالغرر المنفي بدليل النهي عن بيع الغرر هو الغرر الراجع إلى بعض شؤون المعاملة التي وقع التراضي عليها بحيث يكون الجهل في متعلق التراضي ومضمون المعاملة، وليس المراد مطلق المعاملة المصحوبة بالجهل ولو لم يكن الجهل ناشئا من كيفية التعامل بل كان ناشئا من الحكم الشرعي بالخيار المجهول، فإن مثل ذلك لا يكون مشمولا لدليل النهي عن الغرر، بل لا يعقل ذلك لأن الحكم الشرعي بالخيار متفرع على صحة المعاملة، فيستحيل أن يكون مستلزما لفسادها، فإن ما يلزم من وجوده عدمه محال.
وما ذكره من النقوض كله من قبيل الثاني وما نحن فيه من قبيل الأول، إذ الغرر ناشئ من تباني المتعاملين - الذي هو موضوع الحكم بالصحة والفساد ولم يؤخذ فيه الصحة مفروغا عنها - على أمر مجهول ولا ربط له بالحكم الشرعي المتفرع على صحة المعاملة التامة الشرائط، فعدم بطلان المعاملة في موارد جهل الخيار أو مدته التي ذكرها لا يلازم عدم بطلانها في ما نحن فيه لاختلاف منشأ الجهل ومحله. فتدبر تعرف.
وعلى هذا، فالالتزام ببطلان البيع لصيرورته غرريا بالجهل بمدة الخيار المشترط متعين.