وذكر الشيخ (قدس سره) (1) أن هذه الدعوى لم نعرفها. وأوضح المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (2) إشكال الشيخ (قدس سره) بأن المراد من ثبوت العقد إن كان ما يساوق وجود العقد فالعقد موجود، وإن كان ما يساوق لزوم العقد فإن أريد به اللزوم الفعلي فيستحيل اجتماع اللزوم الفعلي والخيار الفعلي، كما هو واضح جدا. وإن أريد به اللزوم الاقتضائي، بمعنى أن يكون العقد مقتضيا للزوم ومشمولا لعموم:
* (أوفوا بالعقود) * في نفسه لولا دليل الخيار، فهو ثابت ومتحقق فيما نحن فيه لأن العقد مقتض للزوم فيما نحن فيه. نعم هناك مانعان من تأثيره في اللزوم الفعلي وهما دليل خيار المجلس ودليل خيار الحيوان ونسبتهما إلى عمومات اللزوم على حد سواء. وليس خيار المجلس في رتبة سابقة على خيار الحيوان كي يكون العقد مع قطع النظر عن دليل خيار الحيوان وفي رتبة سابقة عليه غير مشمول لعمومات اللزوم.
هذا ما أفاده المحقق الأصفهاني (رحمه الله) - بتوضيح منا -. ويمكن أن يفرض شق آخر في كلام المبسوط وهو أن يراد أن الخيار إنما يثبت في مورد لا يكون الشخص فيه مسلطا على حل العقد لولا الخيار، لأنه لغو، إذ الخيار هو السلطنة على الفسخ وهو إنما يجعل في مورد يكون العقد مبرما في نفسه لا متزلزلا.
يبقى إشكال أن هذا البيان يرد في خيار المجلس لأن نسبة الخيارين إلى العقد على حد سواء، فما هو الوجه في عدم فرض الاشكال فيه؟
وجوابه: أن ثبوت خيار المجلس من حين العقد من ضروريات الفقه ومما لا إشكال فيه فقاهيا. وعليه، فالعقد متزلزل في نفسه وإن لم يكن في رتبة سابقة على خيار الحيوان، فلا مجال لخيار الحيوان معه للغويته، فيثبت من حين التفرق دفعا للغوية.
فتقديم خيار المجلس بعد دوران الأمر بين رفع اليد عن أحدهما المنتهي إلى التعارض بين دليلهما المقتضي للتساقط ورفع اليد عنهما معا إنما هو للضرورة