____________________
أمر المولى بعد كونه في نفسه سببا تاما في التأثير، فإن ما دل على اعتبار القربة في العبادة لا يدل على أزيد من اعتبار كون العمل منبعثا عن الداعي الإلهي، وأما اعتبار عدم وجود محرك آخر نحو العمل، وخلوه عن قصد آخر، فالدليل المزبور قاصر عن اثباته كما أن ما دل على اعتبار الخلوص منصرف إلى ما يقابل الشرك في العبادة أعني الرياء، كما أشير إليه في بعض الأخبار (1) ولا أقل من عدم انعقاد اطلاق له بحيث يتناول ساير الضمائم كما لا يخفى إذا فلا مانع من الصحة لا من ناحية الخلوص ولا من ناحية القربة بل كثيرا ما لا ينفك الرادع الإلهي عن مثل هذا القصد، ألا ترى أن الوجيه والشريف بمقتضى مكانته وكرامته بين الناس لا يكاد يتناول المفطر في السوق في شهر رمضان وإن لم يكن صائما حفظا منه على شرافته، فيكون كل من الأمرين داعيا إلى الاجتناب عن المفطرات فيظهر أن المدار في العبادية على امكان داعوية الأمر الإلهي وصلاحية للبعث وإن لم تستند الدعوة إليه بالفعل لمانع خارجي كما عرفت وبالجملة كثرة وقوع الفرض بين الناس ما عدا الأوحدي منهم خير شاهد على عدم اعتبار انفراد الداعي الإلهي وأن العبرة بكونه علة تامة في البعث أو الزجر لا علة منحصرة وإن كان هذا هو الفرد الكامل فالعمدة تمام العبودية ولا يعتبر كمالها. نعم الأحوط الإعادة كما في المتن خروجا عن شبهة الخلاف.