إن دية المجموع دية كاملة.
إلا أن يفرق بين الجناية على الشفتين دفعة فالدية، وبين الجناية بنحو التعدد فالنصف والثلثان.
وقال ابن أبي عقيل هما سواء في الدية، استنادا إلى قولهم عليهم السلام كل ما في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، وإلى قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة كما في الاستبصار وإن كان مضمرا في التهذيب " الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية (1) ".
فإن حمله على التساوي في وجوب الدية بعيد، بل وخبر زرارة عنه أيضا " في الشفتين الدية وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية " (2) بناء على إرادة كل منهما لا العينين خاصة.
ويمكن أن يقال: أما القول الأول فلم نجد له دليلا، ومجرد إفتاء جماعة لا يكفي، والقول الثالث من جهة الندرة بعدم توجه المعظم لا مجال للأخذ به، فيدور الأمر بين القول الثاني والرابع، وقد يناقش في القول الرابع من جهة المناقشة في شمول العام المذكور للمقام، وعدم ظهور الخبرين وموافقة التسوية للمحكي عن أبي بكر وابن مسعود وأبي حنيفة والشافعي ومالك.
قلت: المناقشة في خبر أبي بصير لا وجه لها، لأن حمل الكلام على ما لا ينصرف الذهن إليه مع صدوره من الحكيم في مقام البيان كيف يصح، ومن جهة ضعف السند مع استناد الأكابر إليه ينجبر، والاشكال من جهة المعارضة والموافقة للعامة مبني على عدم الموافقة للسنة فإذا لوحظت الشفتان في لسان الأخبار اثنتين، وما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية بحسب السنة فيكون الخبر موافقا للسنة، فإن قدم الترجيح بمخالفة العامة على الترجيح بموافقة السنة وإلا فالتخيير، إلا أن يمنع الانطباق على الشفتين.