الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله، فلم يرجع إلى، والله ما أدري ما صنعا به، فقال لهما أبو جعفر: وما صنعتما به؟ فقالا يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله، فقال لهما وافياني غدا صلاة العصر في هذا المكان، فوافياه من الغد صلاة العصر وحضر به، وقال لجعفر بن محمد عليهما السلام وهو قابض على يده يا جعفر اقض بينهم، فقال: يا أمير المؤمنين اقض بينهم أنت، فقال له بحقي عليك إلا قضيت بينهم، قال: فخرج جعفر عليه السلام فطرح له مصلى قصب فجلس عليه، ثم جاء الخصماء وجلسوا قدامه، فقال: ما تقول؟ فقال يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فوالله ما رجع إلى، ووالله ما أدري ما صنعا به، فقال ما تقولان؟ فقالا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله كلمناه، ثم رجع إلى منزله فقال: يا غلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن، إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله، يا غلام نح هذا واضرب عنقه، فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والله ما قتلته أنا ولكن أمسكته وجاء هذا فوجأه فقتله، فقال: أنا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله يا غلام نح هذا واضرب عنق الآخر، فقال والله يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما عذبته ولكن قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر الآخر فضرب جبينه وحبسه في السجن ووقع على رأسه بحبس عمره، ويضرب كل سنة خمسين جلدة) (1).
والظاهر أن القائلين بالضمان ليس مرادهم الضمان نحو الضمان باليد على العين المغصوبة، ولو كان التلف لا من جهته بل من جهة الغير لأن بناءهم على أنه لو تبين أن الجاني غير المخرج يصرف الضمان من المخرج إلى الغير، بل المراد أنه إذا وقعت الجناية على المخرج ليلا من ناحية من أخرجه عمدا أو شبه عمد فهو ضامن، فمع العمد القصاص، ومع شبه العمد الدية، ولم يظهر من كلماتهم حكم صورة وقوع الجناية خطأ لأن الضمان على العاقلة لا من أخرجه، فالرواية الأولى إن لم يكن إشكال فيها من جهة السند من جهة عمل الفقهاء بمضمونها يمكن الاستدلال بها.