حتى ييسر قال: " فنظرة إلى ميسرة " ويسألك أن تقيم الشهادة وأنت تعرفه بالعسر فلا يحل لك أن تقيم الشهادة في حال العسر " (1).
وخبر علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال: " كتب أبي في رسالته إلى وسألته عن الشهادة لهم: فأقم الشهادة لله ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين في ما بينك وبينهم، فإن خفت على أخيك ضيما فلا " (2).
ونوقش بتخصيص العموم والاطلاق بما ذكر، وبأن الآية والخبر ليس شئ منهما نصا في الشهادة على الحي ولا خلاف في قبولها على الميت، والمراد من الآية على الظاهر تقدم حقوق الله على النفس والوالدين فضلا عن غيرهم لا خصوص الشهادة بالمعنى الأخص، وتضعيف الخبرين الذين سياقهما النهي عن إقامة الشهادة على الأخ في الدين إذا كان معسرا، والمبالغة فيه بأنه تجوز إقامتها على الوالدين والأقربين ولا تجوز عليه ولو سلم دلالتهما فلا جابر لهما بل الموهن متحقق.
ويمكن أن يقال: ما ذكر من أن الآية ليس شئ منها نصا في الشهادة على الحي حق لكن الظهور كاف، مضافا إلى أنه لعل الغلبة في الشهادة على الحي فكيف يصرف إلى الميت؟ وإلى أن الظاهر إباء المطلق عن التقييد، كما لا يخفى وهل يجوز أن يكون الناس قوامين بالقسط إلا بالنسبة إلى آبائهم، وإلى أنه كيف جاز هذا التقييد ولم يجز هذا التقييد في ما دل على عدم الجواز، ومجرد قيام الاجماع على جواز الشهادة على الميت لا يوجب صرفه إلى الشهادة على الحي.
إن قلت: إذا كان قوله تعالى كونوا قوامين بالقسط آبيا عن التقييد فيكف نهي عن الشهادة على الأخ في خبر داود بن الحصين المذكور؟
قلت مع كون الشهادة موجبة لايذاء المشهود عليه بغير حق لا يكون الشاهد قائما بالقسط، فالخروج من باب التخصص لا التخصيص، مع الاستدلال بما ذكر لا يضر المناقشة بأن الخبرين لا جابر لهما مع ضعف السند.