ومنها: رواية عمرو بن حريث: (عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أو الصنم؟ قال: لا) (1) بناء على اشتراط ذلك في البيع أو تواطئهما على ذلك، فإن نفس القصد على ذلك أيضا كاف في الفساد، لما عرفت أن الصحة والفساد والحلية والحرمة دائران قصد المحلل والمحرم.
الرابعة ما إذا لم يقصد المعاملة لغاية محرمة، ولكنه يعلم بترتب الغاية المحرمة عليها كبيع العنب ممن يعمله خمرا، وبيع الخشب ممن يعمله صنما أو صليبا، ومقتضى قواعد المعاوضة عدم حرمتها، لعدم دخولها في أحد العناوين المحرمة. ومجرد ترتب محرم عليها مع وقوعها عن اختيار من المشتري لا يوجب حرمتها. ولكن ظاهر رواية عمرو بن حريث (2) ومكاتبة ابن أذينة (3) حرمتها، لأن حملهما على ما إذا اشترط البائع على المشتري ذلك بعيد. والتفصيل بين بيع العنب ممن يعمله خمرا وبيع الخشب ممن يعمله صنما فيقال بالصحة في الأول والفساد في الثاني أبعد.
فيمكن حمل الروايتين على الكراهة، لمعارضتهما مع ما هو صريح في جواز بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو مسكرا، كالمكاتبة الأخرى لابن أذينة، (4) ورواية أبي كهمش (5) بعد عدم الفرق بين الخمر والصنم أو الصليب.
ويشهد لهذا الجمع رواية رفاعة: (عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا، قال: بعه