للمبيع، بل المنفعة الكذائية، والمفروض أن قصد المنفعة الكذائية يتوقف على العلم بالطهارة فيجب التنبيه على النجاسة.
وبعبارة أخرى: لا شبهة أن عناوين الأشياء هي مناط ماليتها، لا الجسم المطلق الذي هو المادة المشتركة بين ما لا قيمة له وما له قيمة، فإذا فرضنا أن نفس العنوان بما أنه عنوان الخمر والميتة لا مالية لها إلا باعتبار منفعته الخاصة فكما يجب تعيين العنوان في المبيع ولا يصح بيع القدر المشترك بين الحمار الوحشي والعبد الحبشي، فكذلك يجب تعيين عنوان كون العبد مسلما أو كافرا إذا فرضنا أنه لا يبذل بإزاء الكافر مالا، أو أن الشارع سلب جهة ماليته من حيث كونه كافرا، فعلى هذا إذا بيع الخمر لا بد أن يقصد منفعته التي لا تتوقف على الطهارة، أو بيع ممن يشتريه للتخليل، ولا يصح بيعه ممن يشربه، لأن مع علم البائع بأن المشتري يشربه لا يمكن أن يقصد العنوان الذي به يكون الخمر مالا.
وبالجملة: حيث إن المسألة ليست إجماعية كما يظهر للمتتبع فيها، ولا يستفاد من الأخبار الواردة في المقام التعبدية الصرفة بحيث يفهم منها أن الشارع سلب الانتفاع بالنجاسات رأسا وألغى ماليتها أصلا، بل ظاهرها أن جهة حرمة بيعها كونها مما لا ينتفع بها فأصالة الجواز وقاعدة حل الانتفاع بما في الأرض جميعا لا حاكم عليها إلا فيما تتوقف منفعتها على طهارتها. وعلى هذا، فإذا جاز اقتناء الخمر للتخليل والعذرة للتسميد والميتة لإطعام جوارح الطير أو إيقادها، فبيعها لهذه الأمور لا مانع عنه (1).