يحرم تصرف القابض في المقبوض، وحرمة التصرف ملازم لوجوب الرد فورا.
ودعوى أن الامساك ليس تصرفا ممنوعة، فإنه وإن كان منصرفا عنه بدوا إلا أن الانصراف البدوي لا عبرة به، ويصدق عليه التصرف بعد صدقه على الأخذ، فإذا كان الأخذ تصرفا فبقاء المأخوذ عند الآخذ حكمه حكم نفس الأخذ، لأنه باق على ما كان عليه.
بل ولو سلمنا عدم شمول التصرف في قوله - أرواحنا له الفداء - في التوقيع المبارك: (لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلا بإذنه) (١) للإمساك فلا شبهة في شمول قوله صلى الله عليه وآله: (لا يحل مال امرئ مسلم لأخيه إلا عن طيب نفسه له) (٢)، فإن تعلق الحل والحرمة بالمال ليس كتعلقهما بالغنم - مثلا - مخصوصا بالأكل ونحوه مما يناسب الحكم مثل: حرمة التزويج المتعلقة بالأمهات في قوله عز من قائل: ﴿وحرمت عليكم أمهاتكم﴾ (3)، بل يشمل كل ما يعد في العرف قلبا وانقلابا كالتصرف فيه، وإمساكه تحت يده، وأكله وبيعه وأنحاء ذلك. وإنما يخرج مثل النظر إليه والوقوف تحت ظله إذا لم يعدا تصرفا، وإلا يحرم هذا أيضا: كالوقوف في ظل الخيمة.
وبالجملة: أن قوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ) عنوان عام يشمل إمساك المال أيضا. ويدل عليه أيضا عموم (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (4)، فإنه وإن لم يكن متعرضا للحكم التكليفي بالدلالة المطابقية إلا أنه متعرض له بالدلالة الالتزامية، فإن استقرار الضمان على عهدة القابض ملازم لوجوب الرد، لأنه لا أثر لاستقرار الضمان على العهدة إلا وجوب رد العين ما دامت باقية ورد المثل أو القيمة لو كانت تالفة، فحرمة إمساك مال الغير من غير إذنه ووجوب رده إليه فورا بالفورية العرفية لا إشكال فيه، إنما الإشكال في مقامنا هذا، وهو المقبوض بالعقد