العين باقية فالتضمين يقتضي بدلية كل من العينين عن الأخرى، فإذا رجع إحداهما إلى مالكها الأصلي ترجع الأخرى إلى مالكها أيضا إذا كانت باقية، وعوضها إذا كانت تالفة.
نعم، معنى ضمانها عند التلف هو الضمان عند الفسخ والرجوع، وأما مع الإمضاء وعدم الرجوع فلا معنى للضمان.
وبالجملة: معنى الضمان أنه لو تلفت وطرأ فسخ أو انفساخ فيرجع مثلها أو قيمتها، وليس هذا إلا مقتضى المعاوضة واليد، فإن المعاوضة تقتضي ضمان كل من المالكين مال الآخر قبل القبض بمقتضى شرط التسليم ضمنا، وبالقبض ينتقل الضمان، أي ضمان كل ملك على مالكه، فإذا طرأ عليه الفسخ فمقتضى (اليد) أن يكون ضامنا لبدله لو كان تالفا.
وأما في الثاني فلأن حكومة أصالة بقاء السلطنة على أصالة البراءة إنما تتم إذا كان مفاد أصالة بقاء السلطنة وأثرها الشرعي رفع البراءة، أو إثبات ضدها، أي الاشتغال، وإلا فمجرد السببية والمسببية لا أثر له.
ولا شبهة أن أثر أصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة ليس اشتغال ذمته بالمثل أو القيمة أو عدم خلو ذمته عنهما، بل أثرها الشرعي هو: رجوع العين إلى ملكه لو فسخ. نعم، لازم رجوعها إليه أن يضمن بدل التالف، لما ثبت من الخارج أنه لم يعط مالك التالف ماله مجانا، والملازمة الخارجية غير مفيدة في رفع الشك المسببي.
وأما في الثالث: فلأن قوله: (فلا أصل) إنما يصح لو كان الشك في مرحلة الثبوت بأن يكون الحادث مشكوكا، وأما لو كان الشك في مرحلة البقاء فيجري الاستصحاب فيتساقط الأصلان للعلم الإجمالي، وذلك لأنه لا إشكال في ثبوت سلطنة كل منهما على ماله، وبراءة ذمة كل منهما على البدل الواقعي ما دامت العينان باقيتين، وإنما الشك في ارتفاع السلطنة والبراءة بعد تلف إحداهما، فإذا استصحب بقاء سلطنة مالك العين الموجودة وبراءة ذمته عن المثل والقيمة