العمل وكان العمل لأجلها فهذا ينافي القربة، ولا يمكن أن يكون توسيط قصد الامتثال بالخطرات القلبية مصححا له.
وما يحكى عن بعض الأعاظم: (1) من أنه كان يعطي الأجرة إلى الأكراد ليصلوا ليس من باب أنه قدس سره يحدث لهم الداعي على إتيان العمل لله، بل غرضه قدس سره جعلهم متعودين بالعبادات حتى يحدث لهم بعد ذلك الداعي القربى.
وهكذا وجوب الأمر بالصلاة من باب الأمر بالمعروف، وليس من قبيل الداعي على الداعي، بل المدار هو عدم انمحاء شعائر الله سبحانه صورة، وإلا كيف يقصد القربة من لا يخاف من الله سبحانه ويخاف من الأمر بالمعروف؟
وحاصل الكلام: أن ما أفاده شيخنا الأنصاري (2) قدس سره من أجود الأجوبة في هذا الباب، لأنه بعد ما فرضنا عدم اعتبار المباشرة في فعل المنوب عنه، وأن فعل النائب إذا قصد النيابة عنه يقع عنه، كما لا إشكال في أنه يجوز للغير التبرع في إتيان الفعل بالنيابة عنه، ولا يعتبر في الأمر التبرعي قصد القربة ولا يتحد الأمر التبرعي مع الأمر العبادي فكذا لا ينبغي الإشكال في أنه يجوز أن يأخذ الأجرة بأن يجعل إتيان العمل للغير واجبا على نفسه، وهو إنما يخرج عن عهدة هذا التكليف إذا أتى ما وجب على الغير، وما وجب عليه هو الذات مع قصد التقرب، وهذا متعلق الإجارة، أي: ما ملكه المستأجر على الأجير. فالأمر العبادي متعلق بذات العمل، والأمر الأجاري متعلق بإتيان العمل القربى نيابة عنه، والتقرب معتبر في داعي المنوب عنه.
وأما اعتبار التقرب في داعي الأجير على جعل عمل نفسه مملوكا للغير قربة إلى الله فلم يقم عليه دليل.
وبالجملة: الأجرة تقع بإزاء هذا العنوان، وهو: اتيانه عمل الغير نيابة عنه، وهذا من غير فرق: بين أن يكون عمل الغير تعبديا أو توصليا، فإن وقوعه له يتوقف على هذا العنوان، وإلا لا يقع عنه وإن سقط عنه التكليف أحيانا، كما لو