والمفروض عدم الإتلاف.
الخامس: أنه فوت سلطنة المالك فيجب عليه تداركها.
وفيه: أنه ليس للمالك إلا الملك، وأما السلطنة عليه فهي من أحكام الملك، فلا معنى لتعلق الضمان بها.
وهذا مراد المحقق الثاني - الذي هو ترجمان الفقهاء - من قوله: جعل القيمة في مقابل الحيلولة لا يكاد يتضح معناه (1).
وحاصل إشكاله: أن مجرد منع الضامن عن إعمال المالك سلطنته في ماله وحيلولته بينه وبين ماله لا يوجب أن تكون القيمة واجبة عليه، إلا أن يقال: ليس المراد من السلطنة التي التزم المصنف قدس سره بتداركها هي الحكم الشرعي، بل المراد هي الجدة الاعتبارية، فالبدل بدل لهذه الجدة التي هي: عبارة عن كون المال تحت استيلاء المالك يتقلب فيه ما يشاء ويتصرف فيه ما يريد.
بل قيل (2): هذه هي التي تقع متعلقة للإجارة في مثل الدار والدكان، فإن الأجرة تقع بإزاء كون العين تحت يده، فإذا كان الضامن سببا لتفويت هذه الخصوصية على المالك وجب عليه تداركها، وهو لا يتحقق إلا بأداء ما هو بدل المال من المثل أو القيمة حتى يتصرف المالك فيه على مشيئته.
وفيه: أن مقتضى ذلك إما ضمان المنافع، أو التفاوت بين كون العين تحت استيلائه وبين كونها خارجة عنه لا بدلها، فإن المالك وإن لم يقدر على جميع أنحاء التقلبات في ماله بواسطة الحيلولة إلا أن هذا لا يقتضي إلا الضمان للمنافع أو النقص، فإما يستحق أجرته، أو أرشه، فالأولى الاستدلال له بما أشرنا إليه في صدر المبحث، وهو أن (على اليد) يقتضي كون الضامن ضامنا للمأخوذ بجميع خصوصياته: الشخصية، والنوعية، والمالية، والصفات، والسلطنة، فإذا كان ماليته في عهدته فإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين أن يكون التعذر دائميا أو مؤقتا.