فإذا وجد هذا وجبت النفقة كالحرة تحت الحرة سواء، ولا يلزمه إلا نفقة المعسر سواء كانت موسرة أو معسرة، حرة كانت أو أمة، مسلمة كانت أو كافرة، لأن الاعتبار بزوجها وزوجها أسواء حالا من المعسر لأن المعسر قد يملك شيئا ويصح أن يملك شيئا، والعبد لا يملك شيئا بوجه.
وأما أين تجب؟ فلا يخلو العبد من أحد أمرين إما أن يكون مكتسبا أو غير مكتسب، فإن كان مكتسبا فالنفقة في كسبه، ويكون إذن السيد في التزويج إذنا في تعلق نفقة الزوجة بكسبه.
ثم ينظر فإن كان كسبه وفق ما عليه، فلا كلام، وإن كان أكثر كان الفاضل لسيده، وإن كان دونه أنفق قدر كسبه، وما الذي يصنع بالتمام؟ يأتي الكلام عليه.
هذا إذا كان مكتسبا فأما إذا لم يكن مكتسبا فالحكم في كل النفقة ههنا وفيما ذكرناه واحد، وقال قوم يتعلق برقبته لأن الوطي في النكاح بمنزلة الجناية، ومنهم من قال يتعلق بذمته لأنه حق ذمته باختياره من له الحق، فكان في ذمته كالقرض، و الأول أليق بمذهبنا.
فمن قال يتعلق برقبته على ما اخترناه قال إن أمكن أن يباع منه كل يوم بقدر ما يجب عليه من النفقة فعل، فإن لم يمكن بيع كله كما قيل في الجناية ووقف ثمنه ينفق عليها فيه، وقد انتقل بذلك سيده عنه إلى سيد آخر.
ومن قال: يتعلق بذمته، قال: قيل لها زوجك فقير لا مال له، فإن اخترت أن تقيمي معه حتى يجد، وإلا فاذهبي إلى الحاكم ليفسخ النكاح، فإن العسرة يفسخ بها النكاح عندهم، وعندنا لا يفسخ غير أن هذا تسقط عنا.
ومتى أراد السيد أن يسافر به ويستخدمه لم يكن له ذلك، لأنه يقطعه عن كسبه، ويضر به وبزوجته، وإن قال السيد أنا أضمن ما عليه، فإن كان كسبه وفق ما عليه فعلى سيده القيام به لها، وإن كان أكثر من النفقة ضمن قدر النفقة، وكان الفاضل له، وإن كان كسب دون النفقة لزمه تمام النفقة عندنا، وقال بعضهم ليس يلزمه ذلك، لأنه إنما عطل عليه قدر الكسب فليس عليه أكثر منه.