إلا فيما دل عليه الدليل، ولم يدل عليه فيما نحن فيه.
والظاهر أن الأمر بالقرض في القبر أيضا وارد مورد الغالب من عدم إمكان الغسل أو لزوم الحرج، وإلا لأمكن وجوب الغسل هناك أيضا، وأن ذلك رخصة في غيرهما أيضا لا عزيمة، ولعل مراد المشهور أيضا ذلك.
ومما يشيد ما ذكرنا ويسدده الأمر الوارد بإجادة الأكفان وإعلائها، حتى ورد أن بعض الأئمة كفن في حبرة تسوى خمسمائة دينار (1)، وبعضهم بما يسوى أربعمائة دينار (2)، وعلل في الأخبار بأنهم يباهون بالأكفان ويحشرون فيها ونحو ذلك (3)، فالحكم بجواز القرض في كفن يسوى خمسمائة دينار، وإضاعته وتشويهه مع إمكان غسله بما لا يوجب نقصانا ولا عسرا كما ترى.
ويؤيد ما ذكرنا أيضا أن الغالب في تنجس الكفن أنه يحصل من البدن كما هو مورد الأخبار، ويصعب غسل الكفن بالماء في القبر مع ما أوجبه من البدن، فالأمر بالقرض إرشاد إلى تقليل النجاسة.
ولم يتعرضوا لحال البدن في القبر، مع أن إطلاق الأخبار الأولة يوجبه; للنظر إلى الغالب من عدم الإمكان، أو لزوم العسر، بل الظاهر من تلك الأخبار هو ظهور النجاسة قبل الطرح في القبر.
ومما ذكرنا يظهر أن مراد الشيخ أيضا لا بد أن يكون جواز القرض قبل الطرح لا وجوبه كما يتوهم من عبارة الشرائع (4) وغيرها (5)، لأن الظاهر أن الأمر بالقرض إرشاد إلى الإزالة في موضع عدم إمكان الغسل، أو لزوم الحرج، فليفهم ذلك.
وقال في الذكرى: لو أفسد الدم معظم الكفن أو ما يفحش قطعه; فالظاهر وجوب الغسل مطلقا استبقاءا للكفن، لامتناع إتلافه على هذا الوجه، ومع التعذر