ويؤدي مؤداها أخبار كثيرة (1)، وفي بعضها تصريح أن العبد لا يقبل منه صلاة إلا ما أقبل منها (2)، وفي أمثالها دلالة على مغايرة الاجزاء للقبول، كما ذهب إليه المرتضى (3) - رحمه الله - فالإجزاء هو الإخراج عن عهدة التكليف، والقبول هو ترتب الثواب.
ويدل عليه قوله تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) (4) وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل: (ربنا تقبل منا) (5) وقوله تعالى: (فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر) (6) مع اتيانهما بالمأمور به. ولدعاء الناس في جميع الأعصار والأمصار بقبول أعمالهم بعد الفراغ منها، وإلا لم يحسن ذلك إلا قبل الفعل. وربما يجاب عن المذكورات بتوجيهات وتأويلات بعيدة.
ثم إن من يفرق بينهما ينبغي أن يقول فيما كان مجزيا غير مقبول إنه لا ثواب عليه من حيث الخصوص، وإن كان مثابا عليه لإدخاله نفسه في زمرة العابدين، وبذلك تندفع بعض الشبهات التي يمكن أن تورد هنا.
وكيف كان فالعمدة في العبادة حصول القبول، وهو لا يحصل إلا بالإقبال، والصلاة بدونه كجسد بلا روح، ففي صحيحة الفضيل: " إن علي بن الحسين عليه السلام كان إذا قام في الصلاة تغير لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا " (7).