اليقين بالمتيقن المحتمل، وأما بالنسبة إلى نفس اليقين فلا انتقاض بالضرورة.
الشبهة الخامسة:
وإليك شبهة أبدعناها: وهي أنه يمكن هنا تقريب آخر لمنع جريانه، وهو أن العلم الاجمالي حجة بالنسبة إلى كل واحد من الأطراف، والمراد من " ولكن ينقضه بيقين آخر " إما هو الحجة، أو قضية تقديم الأمارات والحجج العقلية والعقلائية، انتهاء أمد اعتبار اليقين السابق على الشك، فعلى هذا لا يجري الاستصحاب في موارد وجود الأثر الإلزامي.
مثلا: لو كان وجود البق موضوعا للأثر الخاص، وهو التصدق، ووجود الفيل موضوعا لأثر آخر، وهو الصلاة، فاستصحاب عدم حدوث كل واحد غير جار أو ساقط، واستصحاب الحيوان أيضا غير جار، لانتفاء ركنه وهو الشك في البقاء، لقيام الحجة على وجود الفيل والفرد الطويل.
وإن شئت قلت: لو علم إجمالا بانتقال قباء زيد إلى عمرو بقصد الصدقة أو الهبة، ثم استرده زيد، فيعلم حرمة تصرفه فيه إذا لم يكن كل واحد منهما راضيا، كما يعلم تفصيلا بممنوعية التصرف فيه حسب استصحاب الملكية الكلية. ولكن جريانه ممنوع، لتنجز جميع الأحكام بالعلم الاجمالي على وجه لا يجري الاستصحاب، لانتقاض عدم كونه هبة أو صدقة بالجهة العقلية، أو بإطلاق " ولكن ينقضه بيقين آخر " الشامل للعلم الاجمالي، ونتيجة ذلك وجوب ترتيب آثار الكلي من غير جريان الاستصحاب، ومن غير كونه مربوطا بحديث الأصل المثبت... (1).
ونتيجة ذلك عدم جريانه في المتباينين، ولزوم ترتيب آثار الحيوان والفرد الطويل.