إذا أتى بالناقص فهو امتثال بالقياس إلى الأمر الثاني، وعصيان بالنسبة إلى الأمر الأول، فيستحق العقوبة، لأن متعلق كل من الأمرين صلاة، وهي صادقة على المأتي به، والقيد الوارد على الطبيعة - أي قيد التام والناقص - ليس مورد الأمر شرعا، على وجه يعتبر تعدد الامتثال ولا يتداخل، بل يتداخل، إلا أن التداخل يكون لأجل أن الكامل بعنوانه ليس مورد الأمر، ولكنه بواقعه مورد الأمر، والناقص - بحد يباينه في محط تعلق الأمر - مورد الأمر، فإذا أتى بالناقص يعصي أمر الكامل، لانتفاء موضوعه، فإن عدم وجوب الصلاتين بين الطلوعين قطعي بالضرورة، ويمتثل الأمر الثاني، ولا وجه لتوهم الأوامر حسب مراتب الصلاة، لما عرفت في أول البحث (1).
فبالجملة: لو فرضنا قطعية شرطية الجهر لصلاة الصبح للجاهل المقصر، وفرضنا استحقاقه، وصحة صلاته إذا أتى بها إخفاتا، وكان الشرط شرطا على التعيين في حال الجهل والعلم، وأن العبادة بلا أمر ليست بعبادة ولو لأجل كشف مشروعيتها، يمكن حل الإعضال العقلي بعد التدبر فيما أوضحناه، فليلاحظ جيدا.
تذنيب: وهو وجه آخر لحل المشكلة السابقة تجوز دعوى: أنه يستحق الثواب على البدعة، وأما عدم وجوب الإعادة فليس لأجل الصحة، بل هو تفضل منه تعالى عليه بعد ما أتى بالصلاة صورة، وتقبل منه تعالى حتى يستحق الثواب.
وربما يشهد عليه: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - حسب رواية - سمى الجاهلين ب " العصاة " وما كان صومهم في السفر إلا بدعة (2).