بقي شئ: حول دلالة الأحاديث الثلاثة على وجوب الباقي قد عرفت: أن محط النزاع في المسألة ما إذا كان المعسور جزء أو بعض الأجزاء غير المضرة بصدق الطبيعة، نظرا إلى إمكان تصحيح المقدور بالأدلة الأولية على الوجهين الأولين، وإلى الاستصحاب اللازم فيه بقاء الموضوع.
وأما بالنسبة إلى القواعد الثانوية، فيمكن دعوى: أن قضية إطلاقها لزوم المقدور ولو كان جزء، كما هو كذلك في الأقل والأكثر الاستقلالي، وفي خصوص الصلاة، لقيام الدليل على صلاة الغرقى، فلولا الأدلة المخالفة لإطلاق هذه الأحاديث، فالأظهر جواز التمسك بها في خصوص الجزء المقدور ولو كان يسيرا جدا.
وأما توهم: أن قوله: " إذا أمرتكم بشئ " ظاهر في أن الباقي مورد الأمر الأولي، فهو غلط.
أو ظاهر في إمكان ادعاء بقاء الأمر الأولي، أو ظاهر في أن الباقي يصدق عليه أسم المأمور به، فكله غلط، ويكفي مجرد كونه قابلا لأن تنضم إليه بقية الأجزاء في صدق الاسم وتعلق الأمر، وكل ذلك لأجل أن قوله: " فأتوا منه ما استطعتم إياه " (1) أو " ما استطعتم منه " كالنص في لزوم المقدور من المأمور به الذي لو انضم إليه المعجوز يكون تمام المأمور به.
وهكذا قوله: " الميسور لا يسقط بالمعسور " فإنه لا معنى لصرف إطلاقه إلى الميسور من الصلاة، أو المأمور به، أو يقال: إنه هو الميسور من الملاك،