في مورد الشك في تحقق الانسان في الدار استصحاب عدم الانسان، بل وعدم زيد كما مر، كذلك الأمر هنا، والسر فيه ما أشرنا إليه، فليس البحث حول السببية والمسببية كي يتوجه إلى مفاسده الأصاغر، فضلا عن الأكابر.
وإن شئت قلت: الحيوان إما موجود بالفرد الزائل وجدانا، أو موجود بالفرد الزائل تعبدا، فالحيوان ليس بموجود إما تعبدا، أو واقعا، فلا معنى للشك في بقاء الحيوان مع الغفلة عن الخصوصيات.
أقول: نعم، إلا أنه لو خلي وطبعه هل لا يكون شك تكوينا، أم يثبت الشك في البقاء؟ لا سبيل إلى الأول، فعليه هناك شك في حدوث البق، وشك في حدوث الفيل، وعلم بحدوث الحيوان، وشك في بقائه، وعلم بارتفاع القصير، وشك في بقاء الطويل على تقدير حدوثه، فإذا لوحظت الفصول والجنس بنفسها، يكون علم تقديري وشك تقديري، وعلم فعلي وشك فعلي، فلا بد من وجود السببية فيما بين هذه الأمور طبعا وقطعا، فيصبح الأمر على نفي أثر الحيوان المشكوك بقاؤه بنفي الأمر الآخر، فتقع الواسطة.
وبالجملة: لا سبيل إلى منع ركني الاستصحاب بالضرورة، فيما كان النظر إلى المعلوم بالذات الموجود في الخارج بالعرض، وينكشف الخارج بعين انكشافه من غير تعدد، وإلا تلزم الجهالة. ومن غير مرآتية، وإلا يشكل الجمع بين اللحاظين. ولا سبيل إلى العلم التفصيلي بإحدى الفصول المنوعة.
فكل فصل ولو كان مقوم الجنس - بل الفصول أنحاء الوجودات على تفسير - إلا أنها بحسب التحليل وموضوعية الأحكام الشرعية غير مختلطة، ولا متداخلة، فنفي كل بالوجدان والتعبد، لا يورث انتفاء الطبيعي طبعا، من غير أن يكون ما نحن فيه من قبيل المركب والأجزاء، والمحصل والمحصل وأمثالهما.