وبعبارة أخرى: ما هو محط جعل المولى هو أمر كلي، وما هو محط جريان الاستصحاب خارج عن جعله، وتابع للاستصحاب.
وفيه: أن الأصل المثبت حقيقته هي الحكم أو نفيه عن موضوع لأجل التعبد بما تعلق به اليقين، وهو غير ذلك الموضوع، إلا أن التعبد بوجود البياض في الجسم ينافي السواد فيه، فعندئذ يرفع حكم السواد أو يثبت حكم عدم السواد بإجراء التعبد بالبياض. وأما في مثل المقام فما يتعبد به هي القضية الشرطية التي هي شرطية دائما، إلا أنه دائما يتنجز الجزاء بإحراز الشرط، وهو الاستطاعة مثلا أو غيرها، فلا واسطة في البين.
مثلا: كان زيد إذا باع شيئا لا يجب عليه الوفاء، فإذا شك في ذلك - لأجل خصوصية طرأت عليه - يتعبد بتلك القضية، إلا أن بيعه خارجا يحرز وجدانا، ويحكم بعدم الوجوب حسب التعبد بتلك القضية، لا باستصحاب خاص في ناحية الشرط أو الجزاء.
وهذا بعينه في الاستصحابات المنجزة، أي غير المعلقة، والفعلية، فإنه باستصحاب بقاء الموضوع يحكم بوجوب الإكرام، إلا أنه لا يجري بالنسبة إلى الحكم استصحاب خاص به، فافهم واغتنم.
تذنيب: حول التفصيل بين التعليق الشرعي وغيره ذهب السيد المحقق الوالد - مد ظله - إلى اختصاص الجريان بالتعليق الشرعي، وأن الشرطية الشرعية يجري فيها الاستصحاب، دون الاختراعية.
ولازم كلامه الأعم من الابتكارية في الموضوعات التكوينية، والأحكام الوضعية، بل في الاختراعية حتى بالنسبة إلى الأحكام التكليفية، مثل أن يقال: " هذا كان إذا بلغ يجب عليه الصلاة " فلو شك - لأجل اتصال حالة مرددة بين الجنون