لاقتضاء النهي الجدي كون موضوعه المكلف، وقضية المناسبة بين الحكم والموضوع، هو إطلاق ممنوعية الإضرار والمضارة، لعدم الخصوصية عرفا.
إذا عرفت ذلك فلنا أن نقول: إن الشرع الناهي بالنهي التشريعي عن المضارة والإضرار، لا تكون أحكامه مستتبعة للضرر والمضارة بالضرورة، فلو كانت جملة " لا ضرر " مجملة، لعدم قيام الحجة على الخبر المحذوف، ولكن جملة " لا ضرار " تقوم مقامها فيما هو المقصود، وهو تحديد العمومات والإطلاقات الإسلامية بانكشاف عدم وجود العموم والإطلاق في موارد استلزام الضرر والضرار، مع استفادة حرمة المضارة.
بل واستفادة وجوب جبران الضرر، لما يستفاد من مبغوضية الإضرار والضرار المصدري - ابتداء كان أو مماثلا - أن جبران الضرر لازم، لانتفائه موضوعا بالجبر عرفا. بل يتبين منه وجوبه - في صورة تخلف الضار والمضار عصيانا أو عجزا - من بيت المال.
بقي أمر: في بيان وجه آخر لتقديم ضرر الأنصاري على ضرر سمرة وهو أن تذيل خبري عقبة بن خالد في بابي الشفعة (1) وغيرها (2) بقاعدة " لا ضرر " يكون من باب تذيل الأحكام العامة الإسلامية بالحكم التشريعية، كما في تذيل بعض الأحكام بقاعدة نفي الحرج، وهذا أمر مفوض إلى الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من غير أن يستلزم الإخلال بالعموم الأفرادي والإطلاق الاستغراقي.
مثلا: يجوز للمجتهد أن يتمسك بقاعدة نفي الحرج، لرفع الحكم في مورد استلزامه الحرج مثلا، وليس له التمسك به للحكم بطهارة نجس في الاسلام،