وإن أبيت عن ذلك ف " لا ضرر " مجمل، و " لا ضرار " مبين، إلا أنه لا يمكن إلغاء الأحكام الضررية بذاتها بالضرورة، بخلاف كشف محدودية الإطلاقات والعمومات حتى بالنسبة إلى إطلاق تلك الأحكام، فليتأمل جيدا.
بقي شئ: في سقوط " لا ضرر " عن الفائدة الخاصة به لو كان " لا ضرر " لدفع الدخل وجوابا عن الاعتراض بالنسبة إلى ضرب القوانين الضررية - وذلك لظهوره في النفي، ولا يكون هو إلا حقيقة، لما لا معنى لحمله على الادعاء والمجاز المشهور - يجوز دعوى: أن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا ضرار " أيضا بالنسبة إلى الموارد الضررية حسب الإطلاقات والعمومات، كالوضوء الضرري، واللزوم الضرري، والعموم الضرري أيضا، جواب عن الإشكال المقدر المتوجه إلى وجود الأحكام الضررية.
وفيه: أن الجملة الثانية ظاهرة، كما عرفت في النهي (1).
نعم، يمكن دعوى شمول " لا ضرر " لدفع الدخل عن ضررية الأحكام الضررية الآتية من الإطلاق والعموم أيضا، فتصير النتيجة عكس المقصود، وعلى هذا لا استبعاد في ضرب القاعدة الناهية عن الضرار، مع ضرب القوانين الضررية بذاتها والمبنية على الضرر، كالزكاة والخمس والحج والجهاد والكفارات، وهكذا الأحكام الضررية بإطلاقها وعمومها، فلا يتم الوجه المذكور المبدع.
اللهم إلا أن يقال: إن كل ذلك على فرض كون الجملة الأولى مبينة، ولكن بعد كونها مجملة لا يترتب عليه شئ.
وفيه: أنه بعد وجود الأحكام الضررية الذاتية كما عرفت، لا موقف للاستنباط المذكور والاستبعاد المزبور.