الفرع الثاني: في تزاحم الضررين لو تزاحم الضرران، بأن يكون التصرف منتهيا إلى ضرر الجار، وتركه منتهيا إلى ضرر المالك، وتحمل الماء الموجود في ساحة الدار منتهيا إلى ضرر الجار، فيلزم من تصرفه في داره - بحفر البالوعة والبئر - ضرر على الجار، وتصرفه في الماء - بإجرائه إلى البئر الموجودة - ضرر على نفسه، بعد كون إبقاء الماء في ساحة الدار أكثر ضررا عليه.
وهذا التقريب هو القدر المتيقن من تزاحم الضررين، بناء على أن ترك التصرف ليس موضوعا لحكم شرعا، لما عرفت، فلا حكومة للقاعدة على السلطنة بالنسبة إلى جواز ترك التصرف، لأنه حكم ناشئ عرفا أو عقلا من تجويز التصرف.
اللهم إلا أن يقال: إن الإباحة والجواز بالنسبة إلى الطرفين مجعول شرعا، كما ربما يقال في الإباحة والحلية الشرعية.
ومن الغريب ملاحظة الشيخ الأعظم (رحمه الله) جميع العباد عبدا واحدا في هذه المسائل، أو قصة دخول رأس البقرة في وعاء، وغير ذلك من الأمثلة (1)!!
وهكذا يتوجه إليه وإلى غيره موارد توارد الضررين والتزاحم في مثل التولي من قبل الجائر وتركه، فإنه لا حكم شرعي لعنوان الترك كما عرفت.
فبالجملة: في المثال المذكور إذا كانت قاعدة السلطنة محكومة بقاعدة " لا ضرر " يلزم أن يتضرر المالك، ولازمه حدوث مصداق آخر لقاعدة " لا ضرر " الحاكمة على الأولى، نظير القضايا الحقيقية الانحلالية.
ويمكن دعوى: أنه لا معنى له عرفا، وإن كان يمكن عقلا.