وأن نية الحرام كانت محرمة في الأمم السالفة، دون الأمة المرحومة.
مع أن النية تقارن أحيانا الإرادة التي هي الجزء الأخير للعلة التامة، حسبما تحرر منا بوجه لا يتوجه إليه إشكال السيد الأستاذ المحقق الوالد - مد ظله (1) - ولو كان المحرم والواجب ما هو مورد الاختيار والاقتدار بلا وسط مثلا، للزم انحصارهما في الإرادة، ضرورة أن كل فعل مسبب ومتولد عن الإرادة ومحصل عنها، وإن لم يعد من الأسباب التوليدية الاصطلاحية.
فعلى ما تحصل: جميع أقسام المسببات واردة في محط النزاع، توليدية كانت، أو غير توليدية، وما يظهر من القوم من اختصاص غير الأسباب التوليدية بالبحث في المقام، في غير محله، فاغتنم.
تحقيق وتوضيح: في انحصار السبب بالعقلي تقسيم السبب إلى العقلي، والعقلائي، والشرعي، أو إلى الأربعة - نظرا إلى أن المسبب ليس موجودا في الخارج، كالإحراق بالنسبة إلى الإلقاء في النار حسبما عرفت - مما لا يرجع إلى المحصل، بل السبب واحد وهو عقلي، إلا أنه تارة: يكون عقليا ناشئا من رعاية كون الشئ ممرا للوجود والفيض، كالإرادة بالنسبة إلى الحركة، أو سببا لهدم الوجود، كما أن إطلاق البندقة والذبح سبب لهدم النظام الدخيل في الحياة، وإيجاد النار والإحراق سبب لهدم الوحدة الاتصالية المساوقة للوجود، فلا يكون الذبح والإحراق سببا لمسبب خارجي موجود عقيبه، بل ولا ممرا للفيض، بل هو سبب لاختلال ما به الوجود والحياة الدنيوية والاتصال الطبيعي.