المفروض هنا اعتبار السببية الطبيعية، بمعنى أن هنا وجودا مسببا عن وجود بلا حالة انتظارية، وهذا معنى السببية الشرعية والعقلائية.
وأما أن الغسلات والمعاملات أسباب واقعا في الاعتبار، أو موضوعات لاعتبار وأحكام وتعبدات، فهو موكول إلى الفقه، وخارج عن مسألة البراءة والاشتغال في باب الأسباب والمحصلات، فما ترى في كلام العلامة الأراكي (1) و " التهذيب " (2) من الغور في استظهار المسألة الفقهية هنا، فهو لعدم الوصول إلى مغزى المرام في المقام الذي زلت فيه الأقدام.
تكميل وتتميم: في عدم تقيد المسبب بالسبب الخاص إن مصب النزاع كما أشير إليه، هو أن يكون الأمر والمأمور به معلومين مبينين، من غير أن يكون المسبب مقيدا بالسبب، بمعنى أن الواجب مثلا قتل الناصب، من غير كونه مقيدا بالقتل الحاصل من السبب الخاص، أو الطهور يكون واجبا، مع غير كونه مقيدا بالطهور الحاصل من السبب الواصل، أو التمليك واجبا من غير كونه مقيدا بالأجزاء المعلومة، بل المسبب واجب على الإطلاق، وأن السببية موجودة سواء كان عقليا طبيعيا، أو عقليا اعتباريا بالمعنى الذي عرفت، أو واقعيا منكشفا بكشف الشرع، كما انكشف وجوب الغسل والوضوء بالإناء والبول بناء على السببية.
وسواء أن يكون السبب مفيض الوجود، أو ممر الفيض والجود، أو اعتبار ذلك بالادعاء، نظرا إلى الآثار والأحكام. وترقب الوجود الخارجي الطبيعي من السبب الاعتباري اشتباه، فإن السبب الاعتباري - كالبيع السببي - ليس له السببية