بسط وبحث: في بيان سر عدم التمسك بأدلة الحل والبراءة في المقام قد استقرت آراء الفضلاء على الاحتياط في مورد الشك في واجدية المأمور به للقيد المعلومة قيديته، والشرط المعلومة شرطيته، كالطهارات، والقبلة، وفري الأوداج الأربعة بالحديد، وهكذا مما تكون الطبيعة مشروطة بشرط وجودي أو عدمي، نظرا إلى وجوب امتثال الأمر المعلوم ثبوته، ولزوم القطع بسقوطه.
وإليك شبهة: وهي أن في جميع هذه الموارد يشك في حلية الطبيعة الفاقدة، وجواز الإتيان بها، لاحتمال كونها واجدة، فإذا فرضنا أن الواجب على كل مكلف ليس إلا صلاة ظهر واحدة، وصلاة كسوف واحدة، ولا يجوز تكرار تلك الصلاة، وكان مقتضى أدلة الحل والبراءة حلية تلك الصلاة، يلزم سقوط الأمر المعلوم، لأن الشك المذكور يرجع إلى الشك في حلية الصلاة المأمور بها، وتصير النتيجة هي الاجتزاء بالفاقد، وإذا دل دليل ظاهري على حليتها فلا معنى لبقاء الأمر.
وتوهم: أن مفاد أدلة البراءة هي حلية تلك الصلاة، نظرا إلى حرمة التشريع، في غير محله، لأن هذه الحلية أولا: واضحة.
وثانيا: أن المشكوك فيه هي الصلاة المأمور بها بالأمر الخاص في اليوم، وأن يؤتى بها بقصد ذلك الأمر، فعندئذ لا معنى لحليتها إلا سقوط أمرها قهرا، نظير التمسك بدليل الحلية الظاهرية لجواز الصلاة في الثوب المشكوك.
ويتوجه إليه أولا: أن ما هو المعلوم هي صلاة الظهر الواحدة الواجبة، ولذلك يجوز التكرار بالإعادة إما في خصوص الجماعة، أو مطلقا كما قويناه في الفقه، فلا يلزم من حلية تلك الفاقدة سقوط الأمر الإلزامي المعلوم المتوجه إلى المقيد والمشروط والأكثر.
وثانيا: إذا كانت حلية العبادة مشروطة بالأمر، لا يمكن كشف الأمر بدليل