الوجوه (1) -: وهو أنه سيق لجبران الضرر، ولولا ما أوردناه من المعضلة كان هو المتعين مع قطع النظر عن صدر الحديث، وقد عرفت على كل تقدير شناعة الوجوه الثلاثة (2).
حول بيان النفي الادعائي في " لا ضرر " بقي في المسألة أنه نفي ادعائي، وليس من حذف المضاف، وحيث إن الادعاء يحتاج إلى المصحح، وقع القائلون به في حيص وبيص، ضرورة أن في الاسلام جملة من المشروعات والقوانين الضررية بذاتها، كالكفارات، والحج، والجهاد.
وقد تصدى الوالد المحقق (3) ونحن في رسالتنا لهذه المسألة من هذه الجهة، إلا أنه لا يمكن تكميل الادعاء المذكور كما هو الواضح. ولا وجه لاختصاص القاعدة بغير القوانين الضررية في أصل جعلها بعد إطلاق الادعاء، فعندئذ يتبين أمران:
أحدهما: أن " لا ضرر " نفي، ولكنه مجمل، ويكون نفيا بالقياس إلى دفع توهم ضررية القوانين الضررية بذاتها، فإنها بحسب الشخص والزمان والمصر والعصر ولو كانت ضررية، إلا أنها نافعة بالقياس إلى النوع، وبحسب الحضارة الإسلامية الأبدية، وبالنظر إلى المصالح الدنيوية العامة والأخروية.
وثانيهما: أن " لا ضرار " نهي، ويستنبط منه ما ذكرناه بالنسبة إلى الإطلاقات والعمومات.