وبالجملة: العقل هنا تابع الحجة القطعية، ولا شغل إلا درك العقل بعد تمامية الحجة لزوم القيام بالوظيفة.
فعندئذ نقول: الحجة قائمة على الأقل فقط، ولا حجة بالنسبة إلى الأكثر، كما هو صريح كلامه (رحمه الله) (1)، فعندئذ إذا قام بوظيفته المعلومة بالتفصيل وهو الأقل، فقد أتى بما عليه الحجة، وترك ما لا حجة عليه. وإسراء اقتضاء مما قام عليه الحجة إلى ما لم يقم عليه الحجة، منوط بحديث اشتغال الذمة بالأقل، والشك في السقوط، وهذا من الأكاذيب القطعية في بحوث البراءة والاشتغال، وإن كانت صحيحة في الجملة بدليل ثان شرعي، لآثار اخر فقهية.
ولذلك من يقول: بأن التكاليف أمور اعتبارية في الذمة (2)، فلا بد إذا توجه إلى لازمه أن يقول بالاشتغال، ولو لم يقل فهو لقصور فيه، كما لا يخفى.
الوجه السابع: ما أفاده صاحب " الكفاية " - عليه الرحمة -: وهو أن مقتضى كون الأقل واجبا على كل تقدير - بالوجوب النفسي، أو الغيري - هو تنجز الأكثر، ضرورة أنه لا يعقل التفكيك بين فرض فعلية التكليف في ناحية الأقل، وعدم تنجز الأكثر، لاستلزام تلك الفعلية تنجزه، فالقول بانحلال العلم الاجمالي يستلزم الخلف، لأن المفروض ذلك.
وبعبارة أخرى: كيف يكون العلم الاجمالي موجبا للانحلال فيما نحن فيه، مع أن لازم الانحلال عدم الانحلال؟! ضرورة أن معنى انحلاله هو العلم التفصيلي بالأقل، وهو لا يعقل إلا مع كون الأكثر طرف العلم (3).
وعلى كل تقدير: هناك يكون العلم منجزا بالنسبة إلى الأقل والأكثر: