مثلا: الصلاة تنحل إلى عدة أجزاء، هي مقومة لتلك الهيئة التي تقوم بها، وتكون تلك الأجزاء مقومة لها، وإلى بعض الأجزاء مثل الاستعاذة أو السورة، أو غيرهما مما لا مدخلية لها في صدق الاسم، فلو كان مورد الأمر - كما عرفت - عنوان " الصلاة " مثلا، فلا يدعو إلا إلى ذلك العنوان.
وإذا لم يكن للأمر ودليله إطلاق كما هو المفروض، وشك في وجوب شئ هو دخيل عرفا في صدق الماهية، فلا وجه لإجراء البراءات الثلاث، كما إذا شك في وجوب معظم الأجزاء وكثير منها، بحيث ليست بقية الأجزاء من الصلاة عرفا، فإنه واضح وجوب الاحتياط بالنسبة إلى المقدار الصادق عليه عنوان " الصلاة ".
وأما بالنسبة إلى البعض، أو إذا كان الشك من الأول في بعض الأجزاء غير الدخيلة، فلا بد من الاحتياط حسب الاستصحاب المذكور، دون الوجوه العقلية المتمسك بها، فالبراءة العقلية والشرعية غير جارية، لجريان الأصل الشرعي الحاكم عليها.
بل هو وارد على البراءة العقلية، وحاكم على البراءة الشرعية:
أما وروده على البراءة العقلية، فلأن البراءة العقلية أصل حيث لا مقتضي للاشتغال، وأما إذا كان هناك مقتض للاشتغال - وهو استصحاب بقاء وجوب الصلاة المعلوم يقينا، والمشكوك بقاء، المقتضي لإتيان الجزء المشكوك عقلا، وللتنجيز بالنسبة إليه - فيكون بيانا ودليلا وحجة عقلية على لزوم الجزء، لأن ذات الجزء غير داخلة في محط العلم السابق.
إلا أن لازم وجوب الصلاة بقاء لازما عقليا - بمعنى أن العقل يدرك أنه لا يمكن نقض يقينه السابق إلا باليقين، وهو لا يحصل إلا بإتيان الأكثر - فعلية الأكثر، للخلاص عن محط الواجب الشرعي. وليس هو من الأصل المثبت كما هو الواضح،