وهناك احتمال ثالث: وهو التفصيل بين الدليل الوارد، فإن كان عاما فالاشتغال، وإن كان مطلقا فالبراءة، كما يأتي وجهه إن شاء الله تعالى (1).
والذي هو التحقيق - بعد الفراغ عما سلف من سقوط بحوث الشك على مسلك بديع تحرر (2) - هو البراءة، وما يكون وجها للاشتغال بعض وجوه:
منها: ما في تقرير العلامة الأراكي (قدس سره): " من أنه من الشك في القدرة، وقضية الصناعة هو الاحتياط " (3) وعليه بناء الأصحاب (رحمهم الله) (4).
والحق: أن الشك في القدرة لا يعقل إلا ملازما للشك في التكليف، بعد كون القدرة قيدا، والعجز مانعا، أو التكليف في مورده مستهجنا، أو غير ذلك ولا معنى لإيجاب الاحتياط في الصورة المذكورة.
وما قد يتوهم: من أن الشك في القدرة، مورده ما إذا تردد المكلف بين أنه قادر أو مقصر، فإنه عندئذ يجب الاحتياط، واضح الفساد، لأنه إذا كان مقصرا فهو أيضا قادر، فالقضية الترددية المذكورة رجعت إلى العلم بالقدرة بلا الوسط، أو مع الوسط الذي يرجع إلى الأول أيضا، كما لا يخفى.
فالشك في القدرة لا يوجب الاحتياط إلا على مسلك الخطابات القانونية. مع أنه لو قلنا بحديث " رفع... ما لا يطيقون " يشكل الأمر أيضا، فليتدبر.
نعم، في موارد الشك في القدرة يجوز أحيانا التمسك بالعمومات وغيرها لكشف حال الفرد، نظرا إلى لبية المخصص. وهذا غير كون نفس الشك في القدرة