بالضرورة فيلزم، والنتيجة هي التخيير الاستمراري، ولأجل هذه الجهة ذهب المعظم إلى التخيير وعدم الترجيح (1).
نعم، قد ذكرنا في موضع من هذا الكتاب: أن قضية بعض الموازين العقلية الخارجة عن نطاق طلاب العلوم الاعتبارية، أن الاشتغال اليقيني لا يقتضي إلا ممنوعية المخالفة القطعية، وأما الموافقة العلمية فلا أثر لها (2)، وما هو موجب للآثار السيئة هي المخالفة القطعية للمولى، فلو شك مثلا في أنه أتى بما هو الواجب عليه، واحتمل إتيانه، فلا يبعد جريان البراءة الشرعية، على تأمل فيه جدا، وعلى هذا لا تجوز المخالفة القطعية، لأنها تستتبع الآثار السيئة في تبعات الأعمال، بخلاف الموافقة القطعية، فإنه لا أثر لها في حد ذاتها، وعلى هذا لا بد من اختيار التخيير البدوي، دون الاستمراري.
بقي شئ: ربما يمكن دعوى: أنه لا يكون التخيير استمراريا ولو كان العلم الاجمالي مقتضيا بالنسبة إلى الموافقة القطعية، وعلة بالنسبة إلى المخالفة القطعية، لأن المراد من " المقتضي " ليس إلا إمكان الترخيص الشرعي، وهو هنا مفقود، فما في كلام العلامة الأراكي (3) غير واقع في محله.
قلت: نعم، ولكن يمكن دعوى أن الفرق بين الاقتضاء والعلية، كما يظهر في ذاك المورد، يظهر هنا أيضا، ويكون العلم الاجمالي مؤثرا بالقياس إلى المخالفة، دون الموافقة، فلا تخلط.