القطعية، كما عليه بعض المعاصرين (1)؟
وغاية ما هو الوجه لكون التخيير بدويا، أن العلم الاجمالي كما يقتضي عقلا ممنوعية المخالفة القطعية عند الإمكان، يقتضي الموافقة الاحتمالية، وإذا علم إجمالا بحرمة شرب هذا الإناء ووجوب ذاك، يعلم إجمالا بحرمة شرب هذا الإناء، أو وجوب ذاك الإناء، وهذا العلم الاجمالي يقتضي الموافقة الاحتمالية الدائمية، ويمنع عن التخيير الاستمراري المستلزم للمخالفة القطعية.
وبالجملة: العلم الاجمالي بالنسبة إلى أحد الأيام أو أحد الإناءين، لا يؤثر في شئ، ولكن هناك علم إجمالي آخر بحرمة شرب هذا الإناء، ووجوب شرب الإناء الآخر، أو حرمة صوم هذا اليوم، أو وجوب صوم الجمعة الآتية، وهذا وإن لم يؤثر بالنسبة إلى الموافقة القطعية، ولكنه يؤثر بالنسبة إلى المخالفة القطعية الممكن الفرار منها بالاختيار البدوي، لا الدائمي، فلا يجوز خلط الإناءين وشربهما، ولو كانت فيه الموافقة القطعية، ولا شرب أحدهما أولا، ثم الآخر. هذا في الدفعيات والتدريجيات العرضية والطولية.
أقول: فيه نظر واضح، ضرورة أن من الأقوال في العلم الاجمالي: أنه بالنسبة إلى المخالفة القطعية تام الاقتضاء وعلة تامة، دون الموافقة القطعية (2)، فعندئذ يصح أن يقال: بأن العلم الاجمالي الثاني، يؤثر بالنسبة إلى المخالفة القطعية.
وأما على ما هو المعروف عند أبناء التحقيق، من عدم الفرق بين آثاره (3)، فالعلم الاجمالي الثاني علة تامة بالنسبة إلى الموافقة القطعية، وهي أيضا ممكنة