الكبريات العقلائية، وقد وجدنا أن الشرع في موارد إمضاء الأمارات والأصول وتأسيسها، يرخص في ارتكاب الضرر والمنقصة الروحية أو الجسمية، ضرورة أن شرب المسكر المجهول، يستتبع الآثار الضعيفة الروحية والقوية الجسمية، فلا تتم هذه القاعدة بما هي عقلائية، ولا أقل من الشك في أنها ممضاة أم لا.
فبالجملة: للشرع تجويز ارتكاب الضرر المحتمل، لمصالح سياسية غالبة، وله المنع عن وجوب دفعه العقلائي، كما في سائر موارد مداخلة الشرع في المسائل العقلائية الراجحة عندهم، حسب أنظارهم توسعة وتضييقا، فعلى هذا ولو كانت الشبهات الحكمية والموضوعية صغرى لتلك الكبرى، إلا أنها كبرى غير تامة، ولا مقبولة بما هي عرفية عقلائية.
وأما المقام الثاني:
فالعقل ولو كان يدرك لزوم الاجتناب عن الضرر المحتمل، أو يدرك قبح ارتكابه، أو يدرك أن ارتكابه ظلم، ولكن بلا شبهة ليس موضوعه على هذا النطاق الشامل لما نحن فيه، فإن في موارد مزاحمة ذلك بما هو المطلوب، لا يكون ظلم، ولا قبح، ولا إشكال في أن في كثير من موارد الشبهات الحكمية الموضوعية، يصعب الاجتناب والإتيان، وإذا كان الموضوع مقيدا، أو احتمل دخالة قيد فيه، لا يمكن القطع بدرك العقل إلا مع وجود ذلك القيد وإن لم يحرز قيديته، كما تحرر في استصحاب الأحكام العقلية (1)، فتمامية الكبرى الكلية الشاملة لما نحن فيه ممنوعة.
هذا أولا.
وثانيا: درك العقل قبح الارتكاب، ودركه لزوم الاجتناب، لعلل، وما هو مورد