ونحوها غيرها، مضافا إلى النهي عنها في الصحاح المستفيضة عموما وخصوصا في المسألة. والأمر والنهي حقيقتان في الوجوب والحرمة، ومن احتمال كونهما هنا للاستحباب والكراهة كما يفهم من بعض المعتبرة كالموثق:
عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفهمون ما يقول فقال: إذا سمع صوته فهو يجزيه، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه (1). فإن في التعبير بالاجزاء إشعارا، بل ظهورا في عدم المنع عن القراءة أصلا، أو عدم كونه للحرمة.
هذا مضافا إلى الاجماع على ما حكاه بعض الأصحاب على عدم وجوب الانصات للقراءة على الاطلاق (2) كما هو ظاهر الآية، بل هو كذلك للاستحباب، فتعليل الأمر بالانصات في النصوص بالأمر به فيها قرينة عليه كما صرح به الماتن، وفيه نظر، لتصريح الصحيحة باختصاص الآية بالفريضة، ولا إجماع على عدم الوجوب فيها، والاجماع على الاستحباب في غيرها لا ينافي الوجوب فيها.
فهذا الاستدلال ضعيف. وأضعف منه الاستدلال بنحو الصحيح: عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة، قال: لا بأس إن صمت وإن قرأ (3). فإنه أخص من المدعى، لدلالته على جواز القراءة في صورة خاصة وهي: صورة عدم سماع القراءة، وقد أطبق الأكثر. بل الكل عدا الحلي (4) على الجواز هنا وإن اختلفت عبائرهم، في كونه على الوجوب كما هو ظاهر الماتن هنا لقوله: (ولو لم يسمع قرأ) لظهور الأمر فيه، أو الاستحباب كما هو صريح جمع، أو الإباحة كما هو ظاهر القاضي (5)