وبالجملة: فما ذكروه لا وجه له كما صرح به من متأخري المتأخرين جماعة، لكن يمكن الاعتذار لهم بأن اعتبارهم الملكية إنما هو بناء على اكتفائهم في الوطن القاطع بما حصل فيه الاستيطان ستة أشهر ولو مرة، من دون اشتراط الفعلية، حتى لو هجره بحيث لم يصدق عليه الوطنية عرفا لزمه التمام بمجرد الوصول إليه. ولذا اشترطوا دوام الملك أيضا إبقاء لعلاقة الوطنية، ليشبه الوطن الأصلي الذي لا خلاف فتوى ونصا في انقطاع السفر به مطلقا ولو لم يكن له فيه ملك ولا منزل مخصوص أصلا.
وعلى هذا فلا ريب في اعتباره، لعدم دليل على كفاية مجرد الاستيطان ستة أشهر، مع عدم فعليته ودوامه أصلا، إذ النصوص الدالة عليه ظاهرها اعتبار فعليته، فلم يبق إلا الاجماع المحكي والفتاوى، وهما مختصان بصورة وجود الملك ودوامه. فعلى تقدير العمل بهما ينبغي تخصيص الحكم بها.
ويرشد إلى ما ذكرنا: ألهم ألحقوا بالملك اتخاذ البلد أو البلدين دار إقامة على الدوام، معربين عن عدم اشتراط الملك فيه، لو أن اختلفوا في اعتبار الاستيطان ستة أشهر فيه كالملحق به كما عليه الشهيد في الذكرى وجملة ممن تأخر عنه (1)، أو العدم كما عليه الفاضل (2).
والوطن. المستوطن فيه المدة المزبورة على الدوام أحد أفراده، فلا يعتبر فيه عندهم الملكية كما عرفته.
فيتحصل مما ذكرنا: أنه لا إشكال ولا خلاف في عدم اعتبار الملك في الوطن المستوطن فيه المدة المزبورة كل سنة، ولا في اعتباره في المستوطن فيه تلك المدة مرة، وإنما الخلاف والاشكال في كون مثل الوطن الأخير ولو مع الملك قاطعا، ولكن الأقوى فيه العدم كما تقدم، ومرجعه إلى انكار الوطن الشرعي