المتأخرين فلم يوجبوا القصر، وخيروا بينه وبين التمام وفاقا للتهذيب (1)، جمعا بين أخبار الثمانية والأربعة المطلقة بحمل الأولة على ظواهرها مطلقا، وتقييد الأربعة المطلقة بالملفقة لأخبارها أو من غير تقييدها، ثم حمل الأمر بالقصر فيها أجمع على الرخصة ترجيحا لأخبار الثمانية، ولا شاهد له عليه مع إمكان الجمع بما مر، مع كونه أظهر لوضوح الشواهد عليه، مضافا إلى شهرته وندرة القول بخلافه في القديم، إذ ليس إلا الشيخ في التهذيب، وهو على تقدير تسليم مخالفته قد رجع عنه، ووافق المشهور في جملة من كتبه.
لكن بعض أخبار الأربعة لا يقبل التقييد بالتلفيق مطلقا كالصحيح. أن لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ، ربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أو أقصر؟ قال: قصر في الطريق وأتم في الضيعة (2)، لكنه لا يعارض أخبار الثمانية أجمع، فليطرح أو يحمل على التخيير وسيأتي الكلام فيه - أو على التقية بمعنى: حمل الأمر فيه بالاتمام في الضيعة عليها، لعدم كونها بنفسها من القواطع عندنا، وإنما - هو مذهب جماعة من العامة كما سيأتي إليه الإشارة إن شاء الله تعالى، فيرتفع المانع عن الحمل على التلفيق. فتدبر.
(ولا بد) في القصر (من كون المسافة) المشترطة (مقصودة) ولو تبعا:
كالزوجة والعبد والأسير، مع عدم قصدهم الرجوع متى تمكنوا منه، أو عدم احتمالهم له بعدم ظهور أماراته.
(فلو قصد ما دونها ثم قصد مثل ذلك أو لم يكن له قصد) أصلا (فلا قصر) مطلقا (ولو (3) تمادى في السفر) وقطع مسافات عديدة بالنص