موضوع - من شاء استقل ومن شاء استكثر - مخصوص بالنافلة كما يشهد به السياق، ومع ذلك فيدل على مطلوبية الصلاة، ولا يكون صلاة إلا بشرطها وشروطها، وإلا ففعلها من دونها يكون مبغوضا. فكيف يدعى دلالته على كونها محبوبة حين عدم شرطها؟.
وبالجملة: فإن انتفاء الشرط على هذا الوجه الذي فرضنا يستلزم انتفاء كون المشروط واجبا، لا من حيث انتفائه من حيث هو هو حتى يلزم منه كون الطهور شرطا لوجوبها، بل من حيث أن انتفاءه يستلزم انتفاء القدرة على المشروط ولو شرعا، وهي شرط في الوجوب إجماعا، ولذا اتفق على عدم الوجوب هنا. فانتفاؤها هنا يستلزم انتفاء وجوب المشروط بها إجماعا، بل ومطلوبيته أيضا حيث لا يكون دليل عليها سوى ما دل على الوجوب أيضا كما هو مفروض المسألة على ما قدمناه. وحيث لم يجب المشروط الذي هو الأداء ولا يكون مطلوبا لم يصدق القضاء حقيقة فلا يجب أيضا.
ولكن (أحوطه القضاء) خروجا عن الشبهة فتوى بل ودليلا، لصدق الفوت في نحو ما نحن فيه فيه لغة، بل وعرفا؟ لعدم صدق السلب فيه ظاهرا.
فلا يقال لمن ترك الصلاة لفقد الطهورين: إنه ما فاتته، كما لا يقال فيما لو تركها بنوم أو نسيان أو نحوهما ذلك، بل يقال ويطلق الفوت عليه حقيقة كما وجد في الأخبار بالنسبة إلى النوم، ونحوه كثيرا بحيث يستفاد كون الاطلاق على سبيل الحقيقة لا مجازا أو أعم. وحينئذ فيقوى شمول عموم ما دل على وجوب قضاء الفوائت لما نحن فيه أيضا، سيما وقد اشتهر بين الأصوليين: أنه يكفي في صدق القضاء - حقيقة - حصول سبب وجوب الأداء كدخول الوقت - مثلا - وإن لم تجب فعلا، ولعل وجهه ما ذكرنا.
وبموجب ذلك لا يبعد أن يكون القول بالوجوب أقوى كما اخترناه في الشرح، لا لما ذكرناه ثمة فإنه غفلة، بل لما ذكر هنا. لكن يؤيد ما اخترناه هنا