وعلى أي تقدير فلا وجه للتفصيل بين الموردين، والعمل في كل منهما بما ورد كما في الصحيحين وإن اختاره بعض المتأخرين المتقدم، فلا بد من الجمع بينهما بما يدفع تنافيهما، وهو ما ذكرنا من حمل ثانيهما على صورة وقوع الشك في حال السجود. ويحتمل الحمل على وقوعه كثيرا، ولكن الأول أولى إن لم يكن منه ظاهرا كما ذكرنا.
ثم إن إطلاق غيره يعم جميع أفعال الصلاة، بل وأجزائها، فلو شك في السجود وهو يتشهد أو فيه وقد قام فلا يلتفت وفاقا لأكثر. خلافا للنهاية (1) فيهما، فيرجع ما لم يركع، وهو بعيد جدا، بل ادعي الاجماع على خلافه في السرائر صريحا (2)، وحكاه عنه في سائر كتبه: كالجمل والعقود (3) والاقتصاد (4) والمبسوط (5). ويرده مع ذلك الصحيح المتقدم إن شك في السجود بعد ما قام فليمض. وللذكرى (6) فأوجب الرجوع في الأول، لعموم مفهوم هذا الصحيح، ومنطوق الموثق بعده.
وفيه: أن المتبادر منهما وقوع الشك في السجود الذي لا تشهد بعده كما يقتضيه عطف الشك على النهوض في الثاني بالفاء المقتضية للتعقيب بلا مهلة، ويلزمه عدم تخلل التشهد كذا قيل. وفيه نظر. والأولى إسناد ظهور عدم تخلل التشهد إلى تبادره من النهوض من السجود، إذ مع تخلله لا يقال ذلك، بل يقال من التشهد. فتأمل.