لورود كاشف أقوى فهو تارة من حيث المعرضية لا كاشفية له نوعا أو من حيث ورود كاشف على خلافه ليس عليه مدار العمل.
وأما إذا استعمل في العموم وكان العموم مرادا جديا أيضا كما ذكرنا سابقا فلا وجه لعدم الاعتناء بأصالة الظهور إذ ليس الاخذ بالمخصص من باب الاختلال في الكشف ولا من باب ورود حجة أقوى بل من باب انتهاء أمد حكم العام.
قلت: إذا كان صدور المخصص واقعا موجبا لانتهاء أمد الحكم العمومي الظاهري المنبعث عن مصلحة وراء مصلحة الواقع فالوجه واضح حيث أن العام في معرض صدور المخصص، وعدم إرادة مضمونه فعلا، وإذا كان وروده موجبا لانتهاء أمد الحكم العمومي فالوجه فيه ما هو الوجه في وجوب الفحص عقلا في باب البراءة من أن الصادر حيث لا يعلم عادة إلا بالفحص عنه فيجب تحصيلا للمصلحة الواقعية اللازمة الاستيفاء فهو من حيث أنه سد على نفسه باب وصوله العادي بعدم الفحص الذي هو سبيل عادي له فقد فوت على نفسه المصلحة أو أوقع نفسه في المفسدة فالمصلحة الظاهرية باقية ما لم يرد عادة فعدم وروده العادي كالعدم لا يكون غاية لبقاء المصلحة فلا مصلحة حينئذ وإن لم يرد حقيقة فتدبر جيدا وتتمة الكلام فيما بعد إنشاء الله تعالى.
قوله: بل حاله حال احتمال قرينة المجاز الخ:
إن قلت: إذا كانت أصالة عدم القرينة أصلا مستقلا في قبال أصالة الظهور صح الفرق حيث أن الشك في المخصص المتصل شك في القرينة دون المنفصل، وإلا فلا فرق لاستواء نسبة أصالة الظهور إلى المتصل والمنفصل بل المنفصل أولى بعدم الفحص عنه للقطع به باستقرار الظهور في العموم.
قلت: الفارق غلبة المعرضية للتخصيص بالمنفصل، ولا غلبة للاحتفاف بالمتصل فلا يبقى إلا احتمال احتفافه بالتخصيص والظهور حجة على عدمه.
نعم في رجوع أصالة عدم القرينة إلى أصالة الظهور إشكال قوي تعرضنا له في مبحث حجية الظواهر في الجزء الثاني من الكتاب.