قوله: وأما ما لا يكون قابلا لذلك الخ: لا كلام فيما إذا كان حكم المتعلق قابلا للشدة، وأما إذا لم يكن قابلا لها فتداخل الأسباب فيه محل الاشكال عند اجتماع الأسباب فان غاية ما يقال في تعقل تثيرها هو استناد الأثر إلى الجامع و إلغاء خصوصيات الوجودات وهو كلام خال عن التحصيل لما مر آنفا أن الوجود الحقيقي عين التشخص والتعين، وقطع النظر عن اللوازم واللواحق لا يوجب اتحاد المتعدد في حد هويته العينية فليس في الخارج موجود له وحدة عينية يستند إليه أثر واحد عيني، وإن كان الجامع المفهومي منتزعا عن كلا الوجودين لكنه موجود بنحو الكثرة لا بنحو الوحدة، وما تقرر في محله عند أهله من وحدة الوجود وحدة شخصية لا نوعية فهو بملاحظة الموجودات كلها وفي هذه الملاحظة إذا كان النظر مقصورا على الوجود من حيث هو فالعالم كله من حيث الوجود واحد إذ التعدد من كل شئ أنما هو بتخلل غيره فيه ولا تخلل للعدم المقابل للوجود في الوجود كما لا تخلل للماهية فيه ولا شئ بعد الوجود إلا العدم والماهية، وأما وجود فردين من النار مثلا فلا يجري فيه هذا البيان لتخلل غير النار بين نار ونار، وعدم لحاظ الموجود المتخلل بينهما لا يوجب الاتحاد واقعا إلا بالغاء الحدود وملاحظة الوجود بما هو وجود وفي هذه الملاحظة لا نار ولا إحراق، ولا تأثير ولا تأثر فتدبره فإنه في غاية الغموض والدقة.
وأما استناد الواحد إلى الواحد بالاجتماع فقد تقرر في مقره أنه فاسد إذ الوحدة حينئذ اعتبارية لا حقيقية فلا تؤثر أثرا حقيقيا عينيا، وعلية الصورة المطلقة للهيولى لا تجدي لما ذكر في محله من أن وحدتها العمومية محفوظة بواحد بالعدد وهو الجوهر القدسي المفارق فهو العلة والصورة شرطه، وبقية الكلام في محله هذا كله في تداخل الأسباب بمعنى الاستناد إلى الجامع.
وأما تداخل الأسباب بمعنى صيرورة السببين عند الاجتماع جزئي سبب فهو فاسد لأن المسبب إن كان بسيطا فلا يعقل علية المركب للبسيط الحقيقي كما برهن عليه في محله وإن كان مركبا فكل من السببين سبب تام لجزء من المسبب