قوله: والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان الخ: دعوى الوجدان في مثل الإرادة حيث إنها من الكيفيات النفسانية الحاضرة للنفس بذاتها لا شبهة في صحتها، وأما بالإضافة إلى البعث والتحريك مع عدم كونهما من الأمور الباطنة المدركة بالحواش الباطنة فبملاحظة أن البعث الحقيقي ليس إلا الانشاء بداعي البعث والانبعاث فهو متقوم بما لا يدرك إلا بالحواس الباطنة فيصح فيها دعوى الوجدان، وأما مولوية الأمر فإنما تتم في خصوص البعث دون الإرادة لأن المولوية من صفات الأمر إذ الانشاء لو كان بداع البعث جدا، ولجعل الداعي حقيقة فهو أمر من المولى بما هو مولى وسيد حيث لا يكون الانشاء داعيا وباعثا إلا باعتبار ما يترتب على مخالفته وموافقته من العقاب والثواب، والقرب و البعد، وهو شأن المولى دون غيره كما أن الأمر الارشادي ما إذا كان بداعي النصح والارشاد إلى ما يترتب على ذات المأمور به من الصلاح والفساد، لا لجعل الداعي فهو أمر من الأمر بما هو ناصح ومرشد، لا بما هو مولى وسيد، و عليه فالمولوية والارشادية من شؤون الأمر لا من شؤون الإرادة أيضا حيث لا يعقل أن يكون الإرادة لجعل الداعي بل هي كيفية نفسانية معلولة للداعي إليها لا فعل يوجد بداع من الدواعي حتى يفرض فيها أنها لجعل الداعي، أو لغيره من الدواعي إلا أن شهادة الوجدان على إرادة المقدمة من الغير عند إرادة ذيها نافعة لكون الأمر بها مولويا إذ لا إرادة تشريعية في المقدمة بناء على الارشادية إذ لا شأن للناصح والمرشد إلا إظهار النصح والارشاد إلى ما في نفس الشئ من الصلاح والفساد وهذا لا يقتضي إرادة المرشد لذات المأمور به قلبا، وإرادة الارشاد تكوينية لا تشريعية.
نعم بناء على أن أوامر الشارع كلا خالية عن الإرادة كما بيناه في مبحث الطلب والإرادة يسقط هذه الشهادة عن درجة القبول إلا أنه مسلك آخر ليس على ما هو المشتهر عند أهل النظر فتدبر.
فان قلت: إذا كانت المولوية باعتبار صيرورة الأمر داعيا لما يترتب على موافقته ومخالفته فلا وجه لمولوية الأوامر المقدمية حيث لا يترتب على موافقتها ومخالفتها شئ.