نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ١ - الصفحة ٤١٥
من الذهن والعين وهو مناط كون الشئ من لوازم الماهية فنفس وضع الماهية كافية في صحة انتزاعه منها، فلذا لا وجود له غير وجودها فلا جعل له غير جعلها، والجعل الواحد ينسب إلى الماهية بالذات، وإلى لازمها بالعرض بخلاف إرادة المقدمة فإنها بحسب الوجود غير إرادة ذيها لا أن إرادة واحدة متعلقة بذيها بالذات، وبها بالعرض، ومع تعدد الوجوب يجد تعدد الجعل فلا يعقل كون الوجوب المقدمي بالإضافة إلى الوجوب النفسي من قبيل لوازم الماهية التي لا اثنينية لها مع الماهية وجودا وجعلا.
نعم حيث إن الغرض الأصيل يدعو إلى إرادة ذي المقدمة أولا وبالذات، و إلى إرادة المقدمة ثانيا وبالتبع يطلق على جعل وجوب المقدمة أنه جعل بالتبع، وهو غير الجعل بالعرض الذي ينسب إلى لازم الماهية في قبال جعل الماهية، و إلى جعل الماهية في قبال جعل الوجود فتدبر فإنه حقيق به. هذا إن أريد الاشكال على أصل الجعل، وإن أريد الاشكال على اختيارية الايجاب المقدمي (1) حيث إنه لا يتمكن المولى من عدمه بعد إيجاب ذي المقدمة فقد

1 - كما هو ظاهر بعض أعلام العصر (ويندفع) بأن المراد من كون الوجوب المقدمي قهريا إن كان تمامية علية الإيجاب المقدمي بإيجاب ذيها فهو لا ينافي الاختيارية كما في المتن فان كل إيجاب نفسيا كان أو مقدميا ما لم يتم علته لا يوجد ومع تمامية علته تستحيل تخلفه عنها وإن كان المراد ترتب الإيجاب المقدمي على إيجاب ذي المقدمة قهرا إرادة أم لم يرده فهو محال لأن طبيعة الإيجاب وهو الإنشاء بداعي جعل الداعي متقوم بالقصد والإرادة فيتحيل تحققها بلا إرادة نعم إرادة المقدمة بعد إرادة ذيها قهرية إلا أن الكلام في الوجوب المجعول من الشارع وإلا فإرادة المقدمة كإرادة ذي المقدمة تحصل عقيب الداعي قهرا لا بإرادة أخرى.
وأما كون الوجوب المقدمي تقديريا أي بحيث لو التفت إلى المقدمة لأراد فهو لا ينافي المجعولية بالالتفات، مع أن الكلام في إيجابات الشارع نفسية ومقدمية ويستحيل الغفلة في حقه، مع أن التقديرية غير القهرية فتدبر.
ومما ذكرنا يتضح أن الوجوب التعبدي وعدمه كالوجوب الواقعي وعدمه فإذا كان إيجاب المقدمة واقعا معقولا كان التعبد به أو بعدمه أيضا معقولا فلا وجه لمطالبة الأثر الشرعي المترتب على مجرى الأصل بعد كونه بنفسه أثرا مجعولا شرعا فلا تغفل (منه).
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست