لها بعد حصول مقدماتها فإرادة الإحراق تحرك العضلات نحو الألقاء في النار إذ لا فعل آخر للعضلات كي يتعلق به شوق آخر، واجتماع إرادتين على فعل واحد ذي عنوانين لا معنى له.
قلت: إن كان الفعل التوليدي منطبقا على ما يتولد منه بأن يكون الإحراق عين الالقاء في النار المترتب عليه الحرقة وجودا فلا إشكال إذ الشوق الكلي إلى الإحراق يتخصص بالشوق الجزئي إلى الالقاء في النار وإن كان فعلا آخر في طول ما يتولد منه كما هو الحق، لاتحاد الوجود والايجاد ذاتا واختلافهما اعتبارا، و من الواضح مبائنة وجود الحرقة مع الالقاء فكيف يكون الألقاء عين الإحراق الذي هو إيجاد الحرقة بل الحرقة أثر الالقاء فهو المحرق بالذات لمكان محققيته للمماسة التي هي شرط تأثير النار والشخص محرق بالتبع نظير قيام الضرب باليد فإنها الضاربة بلا واسطة، والشخص ضارب بها فحينئذ نقول إن الشوق المحرك للعضلات منبعث عن الشوق إلى الإحراق لا أن الشوق إلى الإحراق بنفسه يحرك العضلات نحو الالقاء، لبداهة أن الشوق إلى شئ لو كان محركا لكان محركا للعضلات نحوه لا نحو شئ آخر، ولو كان مقدمته والشوق المتعلق بالأحراق و إن لم يتصف بالمحركية للعضلات إلى الاخر، لكنه غير ضائر لأن التعريف بالمحرك للعضلات أنما وقع في مقام بيان مبادئ الحركات المترتبة على العضلات لا في مقام بيان الإرادة مطلقا، كيف والشوق العقلي الباعث على تحصيل المطالب العقلية الكلية شوق وإرادة باعثة في مرتبة التعقل مع أنه ليس هناك حركة العضلات، وإن كان هناك حركة فكرية.
والتحقيق أن الحب والشوق وإن كان يتعلق بالفعل التوليدي والتسبيبي إلا أن الإرادة وهي الصفة التي بها يقوم الانسان بصدد إيجاد ما هو من أفعاله فلا يعقل تعلقها إلا ما هو من أفعاله القائمة به سواء كان له مساس بقواه الباطنية كالتعقل للعاقل، وتصور المعاني الجزئية للوهم أو تصور الصور الجزئية للخيال، أو بقواه الظاهرة وبالحركات الأينية والوضعية. واما الإحراق فهو مترشح من