والنسبة كما في لفظ العدم فإنه لا يحكى إلا عن عنوان موجود في ظرف الذهن لا عما هو بالحمل الشايع عدم، وليس العدم كالماهية يوجد بنحوين من الوجود بل وكذلك الأمر في لفظ الوجود بناء على أصالة الوجود، فان حقيقة الوجود ليست كالماهية حتى توجد، تارة في الذهن، وأخرى في العين.
وبالجملة مفاهيم هذه الألفاظ ما هو ربط ونسبة وعدم ووجود بالحمل الأولى لا بالحمل الشايع، وإلا فهي غير ربط ولا نسبة بالحمل الشايع، وما هو ربط ونسبة بالحمل الشايع، نفس ذلك الأمر المتقوم بالمنتسبين المحكى عنه بالأدوات والحروف، وأما الظرفية والاستعلاء والابتداء فهي معان اسمية، وليس معنونها معنى حرفيا بل كلمة (في) مثلا معنى رابطة للظرف والمظروف، وكلمة (على) رابطة للمستعلي والمستعلى عليه، وكلمة (من) رابطة للمبتدء به والمبتدء من عنده وهكذا لا أن الظرفية مشتركة مع أداتها في معنى، أو أحدهما (1) عنوان والاخر معنون، كمفهوم الرابطة ومصداقها فتدبره فإنه حقيق به.
وما ذكرناه في تحقيق المعاني الحرفية والمفاهيم الأدوية هو الذي صرح به أهل التحقيق والأكابر ومن أهل فن المعقول نعم بعض المعاني الأسمية ربما يكون آلة لتعقل حال الغير، وحينئذ يكون كالمعنى الحرفي في عدم الاستقلال في القصد واللحاظ، فيتخيل أن مجرد عدم الاستقلال في اللحاظ ملاك الحرفية ومناط الأدوية مثلا الامكان والوجوب والامتناع معان اسمية، إلا أنا إذا حكمنا على الإنسان بالامكان فالمحكوم به معنون هذا العنوان لأنفسه، فمفهوم الامكان مع كونه بحسب الاستعمال ملحوظا بالاستقلال مقصود بالتبع، وكالآلة للقوة العاقلة يتعرف بها حال الإنسان، فهو ملحوظ بالاستقلال في مرتبة الاستعمال وملحوظ إلى في مرحلة الحكم فيكون كالمعنى الحرفي وقد يلاحظ الامكان