تعدد العلم في المورد القابل حيث إن القواعد التي ينتفع بها في مقام الاستنباط غير القواعد التي ينتهى إليها الامر في مقام العمل بل بان يجعل الفرض أعم من الغرضين ليرتفع التعدد من البين لئلا يلزم كون فن الأصول علمين إلا أن يوجه مباحث الأمارات الغير العلمية، بناء على إنشاء الحكم المماثل بأن الأمر بتصديق العادل مثلا ليس عين وجوب ما أخبر بوجود العادل بل لازمه ذلك كما أن حرمة نقض اليقين بالشك ليست عين وجوب ما أيقن بوجوبه سابقا. بل لازم ذلك، والمبحوث عنه في الأصول بيان هذا المعنى الذي لازمه الحكم المماثل واللازم والملزوم متنافيان، وهذا القدر كاف في التوسيط في مرحلة الاستنباط.
بل يمكن التوجيه بناء على كون الحجية بمعنى تنجيز الواقع بدعوى أن الاستنباط لا يتوقف على إحراز الحكم الشرعي بل يكفي الحاجة عليه في استنباط إذ ليس حقيقة الاستنباط والاجتهاد إلا تحصيل الحجة على الحكم الشرعي، ومن الواضح دخل حجية الأمارات بأي معنى كان في إقامة الحجة على حكم العلم في علم الفقه، وعليه فعلم الأصول ما يبحث فيه عن القواعد الممهدة لتحصيل الحجة على الحكم الشرعي من دون لزوم التعميم إلا بالإضافة إلى ما لا بأس بخروجه كالبرائة الشرعية التي معناها حلية مشكوك الحرمة والحلية لا ملزومها ولا المعذر عن الحرمة الواقعية.
واما الإلتزام بالتعميم على ما في المتن ففيه محذوران.
أحدهما: لزوم فرض غرض جامع بين الفرضين لئلا يكون فن الأصول فنين.
ثانيهما: أن مباحث حجية الخبر وأمثاله ليست مما يرجع إليها بعد الفحص واليأس عن الدليل على حكم العلم، إذ لا يناط حجية الأمارات بالفحص واليأس عن الدليل القطعي على حكم الواقعة نظير حلية المشكوك، حيث إنها لا يرجع إليها إلا بعد الفحص واليأس عن الدليل على حرمة شرب التتن، وأما جعلها مرجعا من دون تقييد بالفحص واليأس فيدخل فيها جميع القواعد العامة الفقهية، فإنها المرجع في جزئياتها كما لا يخفى.