الكلام في معلولية شئ لشئ وكونه ذا مبدء لا ينافي في الفراغ عن أصل تحققه وثبوته، ألا ترى أن الموضوع في علم الحكمة هو الوجود أو الموجود مع أن البحث عن كونه ذا مبدء من أهم مسائله وأعظم مقاصده فالبحث عن معلومية السنة بشئ يكون ذلك الشئ واسطة في ثبوتها واقعا بحث عن ثبوت شئ لها لا عن ثبوتها فاتضح ان إرادة الثبوت الواقعي على أي تقدير لا تنافى كون البحث عنه من المسائل.
نعم أصل ثبوت السنة بالخبر وكون الخبر واسطة في ثبوتها أو اثباتها واقعا غير معقول إذ ليس الخبر واقعا في سلسلة علل السنة بل يستحيل وقوعه في سلسلة عللها لان حكاية الشئ متفرعة عليه فلا يعقل ان تكون من مباديه فيستحيل وساطة الخبر ثبوتا كما أن الخبر بما هو خبر يحتمل الصدق الكذب فلا يعقل انكشاف السنة به واقعا فيستحيل وساطة الخبر اثباتا فإرادة الثبوت الواقعي بأي معنى كان غير معقولة لا أن البحث عن ثبوتها بشئ ليس من المسائل فافهم جيدا.
قوله: نعم لكنه مما لا يعرض السنة بل الخبر الحاكي لها الخ: يمكن أن يقال إن حجية الخبر على المشهور وان كان مرجعها إلى إنشاء الحكم على طبق الخبر وهو من عوارضه إلا أنه بعناية أنه وجود تنزيلي للسنة وهذا المعنى كما أن له مساسا بالخبر كذلك بالسنة، فحاصل البحث إثبات وجود تنزيلي للسنة، وبهذا الاعتبار يقول بثبوت السنة تعبدا، والا فالحكم على طبق المحكى له ثبوت تحقيقي لا تعبدي، وكونه عين التعبد لا يقتضى أن يكون تعبديا بل هو كنفس الحكى له ثبوت تحقيقي فتأمل وربما يتخيل إمكان جعل الموضوع نفس السنة الواقعية بالبحث عن تنجزها بالخبر لكنه كالثبوت التعبدي إشكالا وجوابا، من حيث إن المنجزية وهي صفة جعلية قد اعتبرت في الخبر فهي من حيثيات الخبر لا من حيثيات السنة الواقعية، ومن حيث إن المنجزية والمتنجزية متضائفان، فجعل الخبر منجزا يلازم جعل السنة متنجزة به فيصح البحث عن كل