أن يستأذناهما، ولو كان توكيلا لكان ذلك تابعا للوكالة وبحسب شرطها، وبه قال ابن إدريس، والعلامة وغيرهما.
وظاهر الأصحاب الاتفاق على أنه متى كان البعث من الزوجين فلا يكون إلا توكيلا، قال في المسالك: ولو جعلنا بعثهما من الزوجين فلا شبهة في كونه توكيلا، لأنهما ليس من أهل التفويض في الحكم الكلي وإن كان متعلقه جزئيا.
أقول وبالله الثقة لا دراك كل مأمول: إنه لا يخفى على من راجع الأخبار التي قدمناها وهي أخبار المسألة التي وصلت إلينا أنها متفقه على كون ذلك تحكيما، سواء كان الباعث الإمام أو الزوجين، والذي يدل على كونه تحكيما لا توكيلا مع بعث الزوجين كلام الرضا عليه السلام في كتاب الفقه الرضوي (1) وهو مذهب الصدوقين أيضا حيث عبرا بعبارته حسبما عرفت آنفا، فإنه عليه السلام ذكر أن الحكمين بعد بعث الزوجين لهما يجتمعان على فرقة أو إصلاح، فإن اجتمعا على الاصلاح لم يحتج إلى مراجعة، وإن اجتماعا على الفرقة فلا بد لهما أن يستأمرا الزوج والزوجة، وهذا هو الذي دلت عليه رواية محمد بن مسلم وحسنة الحلبي فإنهما دلتا على الاستئمار في الفرقة دون الاصلاح، ولو كان ما يدعونه من أنه إذا كان البعث من الزوجين فإنه لا يكون إلا توكيلا كما سمعته من كلامه في المسالك لكان الواجب في كلامه عليه السلام في كتاب الفقه أن يجعل الحكم منوطا بما يأمران به ويعينانه لهما كما في سائر أفراد الوكالة، لا أنه يجعل ذلك مفوضا لهما، وأظهر من ذلك أنه عليه السلام قد جعل كلامه تفسيرا للآية، الصريحة في التحكيم دون الوكالة.
وبالجملة فإنه لا شك في دلالة كلامه عليه السلام على أنه في صورة بعث الزوجين تحكيم لا توكيل، كما ادعوه، وإن كان ظاهرهم الاتفاق عليه، وقد عرفت أيضا أن ظاهر موثقة سماعة هو كون الباعث الزوجين، وقد اعترف بذلك أيضا في المسالك، فقال بعد ايراد الرواية: ويمكن أن يستدل بها على أن المرسل الزوجان،