نسخت بآية (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) (1) الدالة على الجواز، ولهذا جعلنا ذلك مؤيدا للجواز.
ومقتضى ما دلت عليه حسنة زرارة أو صحيحته، وكذا روايته الأخرى المتقدمتين في النوع الثاني أن آية التحريم إنما هي (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) (2) وأن هذه الآية قد نسخت آية (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) ويؤيد ذلك الروايات الواردة في تفسير (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) المتقدمة في الموضع المذكور.
وأما آية (ولا تنكحوا المشركات)) فالظاهر من إيراده في الاستدلال على التحريم في حسنة زرارة وروايته بآية (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) دونها، مع أنها أصرح في التحريم أنها قد نسخت بآية المائدة كما نقله الشيخان المتقدم ذكرهما في تفسيريهما، ولعله بعد ذلك نسخت آية المائدة بآية (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) كما صرحت به الروايتان المذكورتان.
وما يقال من أن المائدة آخر القرآن نزولا غير معلوم على إطلاقه، نعم بعص آياتها كذلك، فإن الظاهر من الأخبار أن السور لم تنزل دفعه واحدة بل القرآن كله إنما نزل نجوما بحسب الأحكام المتجددة والوقايع المتعددة، ولهذا صرحوا بأنه لم يتكامل في نزوله إلا بعد عشرين سنة، وحينئذ فيكون القرآن دليلا على التحريم بمعونة هذه الروايات، لأنا لا نفهم من القرآن إلا ما أفهمونا إياه، وأو قفو نا عليه، سيما عند تشابهه عليه نا، ونسخ بعضه بعضا.
ومن ذلك يظهر ترجيح القول بالتحريم بالنظر إلى هاتين القاعدتين الواردتين في مقام الترجيح، لأن العرض على مذهب العامة والأخذ بخلافه لا يتم إلا على القول بالتحريم والعرض على الكتاب بالتقريب الذي أوضحناه